مأوى المتقين
أخي الحبيب .أختي الحبيبة :السلام عليكم ورحمة الله .
كم يسعدنا أن تنضم لأسرة هذا المنتدى بالتسجيل إن كنت غير مسجل .
ألف تحية وشكر

مأوى المتقين
أخي الحبيب .أختي الحبيبة :السلام عليكم ورحمة الله .
كم يسعدنا أن تنضم لأسرة هذا المنتدى بالتسجيل إن كنت غير مسجل .
ألف تحية وشكر

مأوى المتقين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى إسلامي يهتم بالقضايا العامة .
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قضية القدس بين بعديها الديني والسياسي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
تقي الدين
Admin
تقي الدين


عدد المساهمات : 1362
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 19/04/2009
العمر : 62
الموقع : alger

قضية القدس بين بعديها الديني والسياسي Empty
مُساهمةموضوع: قضية القدس بين بعديها الديني والسياسي   قضية القدس بين بعديها الديني والسياسي Icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 22, 2009 4:27 am

قضية القدس بين بعديها الديني والسياسي

بقلم: د. ماهر الشريف



كان من مفارقات قمة كامب ديفيد الفلسطينية-الإسرائيلية، التي انعقدت
في تموز 2000، أن الوفد الإسرائيلي إليها برئاسة إيهود باراك، قد سعى،
بتركيزه على مسألة (جبل الهيكل)، إلى إبراز البعد الرمزي الديني في الصراع
على القدس على حساب بعده السياسي، وذلك في محاولة للالتفاف على قرارات
الشرعية الدولية وتبرير احتفاظ المحتل الإسرائيلي بالسيادة على القدس
الشرقية.




ومنذ تلك القمة، راح خطاب مسؤولي الأحزاب الصهيونية (العلمانية)
يسوّغ، بصورة لا سابق لها، ضرورة احتفاظ إسرائيل بالسيطرة على الحرم
القدسي بحجة وجود أنقاض الهيكل الثاني تحته، علماً بأن هذا الزعم لم تؤكده
الحفريات وأعمال التنقيب التي قامت بها الحكومة الإسرائيلية تحت أسوار
الحرم، بعد احتلالها القدس الشرقية مباشرة في عام 1967، إذ لم يكتشف علماء
الآثار الإسرائيليون، بنتيجتها وحتى اليوم، سوى آثار رومانية وبيزنطية
وإسلامية.


ومع أنني من الذين يعتقدون -من دون الانتقاص أبداً من
أهمية البعد الرمزي الديني لمدينة القدس بالنسبة إلى المسلمين والمسيحيين-
أن موضوع هذه المدينة ومستقبلها هو موضوع سياسي في المقام الأول، ينبغي
حله على أساس قرارات الأمم المتحدة وبخاصة القرار 242، الذي يدعو إسرائيل
إلى الانسحاب من جميع الأراضي الفلسطينية والعربية التي احتلتها بعدوان
الخامس من حزيران 1967، إلا أن هذا الإصرار الإسرائيلي على إبراز البعد
الرمزي الديني للقدس قد دفعني إلى العودة إلى التاريخ لأتبيّن مدى تماسك
المزاعم الإسرائيلية، في هذا الخصوص، من الناحية العلمية.


عودة إلى التاريخ

ينطلق
الباحث كيث وايتلام في كتابه: اختلاق إسرائيل القديمة، إسكات التاريخ
الفلسطيني (عالم المعرفة، الكويت، العدد 249، أيلول 1999)، من فكرة مهمة
مفادها أن الصراع الدائر حول فلسطين قد ترك أثره على فهم التاريخ القديم.
فخطاب المدرسة التاريخية التوراتية، الذي ظهر في القرن التاسع عشر وترك
بصماته على التاريخ الرسمي الإسرائيلي، قد اختلق لإسرائيل - كما يرى
وايتلام- تاريخاً قديماً كثيراً ما يعكس حاضرها، معتبراً أن الزعم بأن
لإسرائيل حقاً لا ينكر في القدس، كعاصمة لدولة إسرائيل، تعود جذوره إلى
تلك الفترة المتخيلة من عصر مملكة داود. ويؤكد وايتلام أن إسرائيل القديمة
لم تكن (إلا خيطاً رفيعاً في نسيج التاريخ الفلسطيني الغني)، والذي ينبغي
أن يكون (موضوعاً قائماً بذاته ومحرراً من قبضة الدراسات التوراتية).


والواقع،
أن الدراسات التاريخية الحديثة، وبضمنها دراسات بعض الباحثين
الإسرائيليين، قد بيّنت أن التاريخ اليهودي القديم محاط بالأساطير. فشلومو
ساند، أستاذ التاريخ في جامعة تل أبيب، فسّر في كتابه: كيف اختُرع الشعب
اليهودي. من التوراة إلى الصهيونية (باريس، فايار، 2008)، كيف أن
الصهيونية، التي طرحت على نفسها مهمة شبه مستحيلة عندما أرادت أن تخلق
أتنية واحدة وموحدة من جماعات ثقافية ولغوية تعود إلى أصول مختلفة، قد
لجأت إلى العامل الديني، واستعارت من الديانة التقليدية ومن مدونتها معظم
تمثّلاتها ورموزها، وبقيت أسيرة لهذه التمثّلات والرموز.


وبعد
أن يشير ساند إلى أن (كل إسرائيلي من أصل يهودي متيقن من أن الشعب اليهودي
قد وجد منذ أن تلقّى التوراة في سيناء، وأنه هو شخصياً متحدر بصورة مباشرة
وحصرية من هذا الشعب)، يتوقف عند بعض الأساطير التأسيسية للصهيونية، ومنها
أسطورة قيام اليهود بغزو (أرض كنعان)، فيذكِّر بأن علم الآثار الجديد قد
دحض تماماً هذه الأسطورة، إذ لم تُكتشف أي وثيقة مصرية تشير إلى غزو أرض
كنعان، التي كانت خاضعة في ذلك التاريخ للسيطرة المصرية. كما أن التوراة
نفسها لا تشير إلى هذه السيطرة المصرية، علماً بأن التنقيبات الأثرية في
غزة وبئر السبع قد دلّت، منذ وقت طويل، على ذلك الوجود المصري في مرحلة
الغزو المفترض، وحتى بعد ذلك.


أما الأسطورة الثانية، التي يتوقف
عندها ساند، فهي أسطورة (النفي) ، التي تستند إليها ترسانة الهوية
(الأتنية) لليهود الحديثين. فالواقع، أنه لا يوجد أي أثر يدل على أن
الرومانيين قد قاموا بعمليات طرد جماعية للسكان اليهود بعد استيلائهم على
القدس، وتدميرهم للهيكل سنة 70 ميلادية. وهذا ما أثبته -كما يتابع ساند-
الأستاذ الجامعي حاييم ميليكوسكي، عندما بيّن أن مصطلح (النفي) كان يعني
في القرنين الثاني والثالث الميلاديين الخضوع السياسي وليس الطرد من
البلد. أما زميله جاكوب يوفال، فقد أظهر أن الأسطورة اليهودية المتجددة عن
النفي صيغت في مرحلة متأخرة نسبياً، وذلك إثر شيوع الفكرة المسيحية عن طرد
اليهود عقاباً لهم على قيامهم بصلب المسيح ورفضهم الإنجيل.


ولكن
لندع جانباً هذه الأساطير التأسيسية للصهيونية، ولنرجع إلى التاريخ
الواقعي، الذي تزكيه الحقائق العلمية، والذي يؤكد أنه لم يكن هناك أي أثر
للهيكل عندما فتح العرب المسلمون القدس، وأن عبد الملك بن مروان هو الذي
قام ببناء قبة الصخرة في عام 691، ثم استكمل خليفته، الوليد بن عبد الملك،
عمارة المسجد الأقصى.


وفي عهد صلاح الدين الأيوبي، الذي حرر
القدس من الفرنجة في عام 1187، رُفعت القيود المفروضة على سكنى اليهود في
المدينة، التي استقبلت في نهاية القرن الثاني عشر الميلادي أعداداً من
يهود المغرب وفرنسا وجنوب إنكلترا. وبعد خضوع القدس، ابتداءً من منتصف
القرن الثالث عشر الميلادي، لدولة سلاطين المماليك، صار يتعايش فيها أتباع
الديانات السماوية الثلاث، إذ شكّل المسيحيون، بطوائفهم المتعددة، غالبية
سكانها، وتمتعوا بالحرية الدينية التامة وسُمح لهم بإصلاح مؤسساتهم
الدينية وترميمها. بينما شهدت أحوال اليهود تحسناً كبيراً، حتى إن عدداً
منهم اعتنق الإسلام في تلك الفترة نظراً لتسامح المسلمين وحسن معاملتهم
لأتباع الديانات الأخرى. وبات لهم، في ذلك الوقت، حي في المدينة، سُمّي
بحارة اليهود، وإليه نُسب أحد أبواب القدس. وقد عاشوا في ذلك الحي،
عموماً، على الصدقات الخارجية، وكان من بينهم تراجمة ومرشدون سياحيون
(انظر: مقدمة د. زياد العسلي لكتاب فوشي الشارتري، تاريخ الحملة إلى القدس
1095-1127، عمان، دار الشروق، 1990؛ وكتاب د. علي السيد علي، القدس في
العصر المملوكي، القاهرة، دار الفكر للدراسات والنشر، 1986).


ومنذ
عام 1517، خضعت القدس، أو بيت المقدس، لحكم السلاطين العثمانيين، واتّخذت
المدينة داخل السور شكلها الراهن إبان حكمهم الذي استمر زهاء أربعة قرون.
ويُستفاد من الموسوعة اليهودية نفسها أن اليهود قد اتّخذوا حائط البُراق،
الذي يشكّل جزءاً من الحائط الغربي للحرم القدسي، موقعاً للصلاة منذ القرن
السادس عشر فقط، ثم صاروا يبكون أمامه وبات يُعرف باسم (حائط المبكى)
(انظر: رائف يوسف نجم، (استمرار تهويد مدينة القدس أرضاً وسكاناً وعمراناً
وإدارة)؛ في: القدس، نقطة قطيعة أم مكان التقاء؟، الرباط، أكاديمية
المملكة المغربية، 1998، الجزء الأول، ص 109-157).


وقد وصف
الرحالة الفرنسي بيير لوتي، الذي زار القدس في نيسان 1894، بإسهاب (مسجد
عمر الأزرق) والمسجد الأقصى. إذ ذكر أن السلطات العثمانية كانت تمنع في
الماضي غير المسلمين من زيارة هذا الموقع، وأنها لم تسمح بزيارته إلا منذ
سنوات قليلة، ولكن شرط أن يرافق الزائر الغريب جندي من الإنكشارية يحمل
تصريحاً من والي القدس. ثم وصف لوتي زيارته إلى (حائط المبكى)، فأشار إلى
أن الأتراك قد تنازلوا لليهود عن هذا الموقع بعد أن وعد هؤلاء الأخيرون
بعدم التفكير مطلقاً بإعادة بناء هيكلهم فيه، وذكر أنه شاهد أمام الحائط
رجالاً مسنين بوجه خاص، وعدداً قليلاً من الشبان، كانوا كلهم تقريباً من
اليهود البيض القادمين من بولونيا، الذين يأتون عادة إلى القدس لدى شعورهم
بدنو أجلهم، على أمل أن يُدفنوا فيها (بيير لوتي: رحلات 1872-1913، باريس،
روبير لافون، 1991 (بالفرنسية)).


وبدخول القوات البريطانية،
بقيادة الجنرال اللنبي، القدس في كانون الأول 1917، انتقلت السيطرة على
الحرم الشريف إلى سلطات الاحتلال البريطاني، وقد جاء في المادة 13 من صك
الانتداب، الذي وافق عليه مجلس عصبة الأمم في 24 تموز 1922، ووضع موضع
التنفيذ في 29 أيلول من العام نفسه، ما يلي: (تضطلع الدولة المنتدبة بجميع
المسؤوليات المتعلقة بالأماكن المقدسة والمباني أو المواقع الدينية في
فلسطين، وبضمن ذلك مسؤولية المحافظة على الحقوق الموجودة، وضمان الوصول
إلى الأماكن المقدسة والمباني والمواقع الدينية وحرية العبادة، (على) ألا
يُفسّر شيء من هذا الصك تفسيراً يُخوّل الدولة المنتدبة سلطة التعرض أو
التدخل في نظام إدارة المقامات الإسلامية المقدسة الصرفة المصونة حصانتها)
(وثائق فلسطين، بيروت، دائرة الثقافة في منظمة التحرير الفلسطينية، 1987،
ص 108).


وبعد اندلاع هبة البراق في آب 1929، أكدت السلطات
البريطانية، بناء على تقرير لجنة البراق الدولية، أن للمسلمين (وحدهم تعود
ملكية الحائط الغربي (للحرم)، ولهم وحدهم الحق العيني فيه، لأنه يؤلّف
جزءاً لا يتجزأ من ساحة الحرم الشريف، التي هي من أملاك الوقف. وللمسلمين
أيضاً تعود ملكية الرصيف الكائن أمام الحائط وأمام المحلة المعروفة بحارة
المغاربة المقابلة للحائط، لأنه موقوف حسب أحكام الشرع الإسلامي لجهات
البر والخير)، مع السماح لليهود (بالوصول إلى الحائط الغربي بهدف التعبد)
(بيان نويض الحوت، القيادات والمؤسسات السياسية في فلسطين 1917-1948،
بيروت، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1981، ص 231-233).


القدس في القبضة الإسرائيلية

نص
القرار رقم 181 الخاص بتقسيم فلسطين،الذي اتّخذته الجمعية العامة للأمم
المتحدة في 29 تشرين الثاني 1947، على إنشاء كيان منفصل في منطقة القدس،
يخضع لنظام مرتبط إدراياً بالأمم المتحدة. ومع أن إسرائيل قد احتلت، خلال
الحرب، القسم الغربي من المدينة، إلا أن تعهد حكومتها، لدى انضمامها إلى
الأمم المتحدة في أيار 1949، باحترام القرار 181، كان يعني إقرارها بأن
القدس لا تدخل ضمن النطاق الإقليمي لدولة إسرائيل. وبعد توقيع اتفاقية
الهدنة بين إسرائيل والأردن، باتت القدس منقسمة إلى قسمين: قسم غربي جعله
الإسرائيليون عاصمة لدولتهم، ثم أقدموا، عام 1952، على توسيع حدوده
البلدية بنسبة الضعف في اتجاه الغرب على حساب أراضي قرى فلسطينية عديدة.
وقسم شرقي خضع للأردن وانحصر في البلدة القديمة وما حولها من أحياء.


وقد
قامت الحكومة الإسرائيلية، إثر عدوان حزيران 1967، باحتلال هذا القسم
الشرقي وفرضت التشريعات الإسرائيلية عليه، وباشرت إجراءاتها الرامية إلى
توحيد المدينة وتهويدها. وصدر عن الكنيست، في 30 تموز 1980، قرار يجعل من
القدس الموحدة (عاصمة أبدية) لإسرائيل. ومن خلال قضم الأراضي الفلسطينية،
قامت السلطات الإسرائيلية بتوسيع حدود بلدية القدس الشرقية من 6 إلى 73
كيلومتراً مربعاً، وأحاطت القدس الموسعة بطوقَيْ استيطان . شمل الطوق
الأول، المعروف بالقدس الكبرى، 330 كيلومتراً مربعاً من أراضي الضفة
الغربية، بينما شمل الطوق الثاني، المعروف بالقدس المتروبوليتانية، 660
كيلومتراً مربعاً من الأراضي العربية المصادرة. وبفضل هذين الطوقين، ضمنت
إسرائيل لنفسها الهيمنة على القطاع الأوسط من الضفة الغربية، وفصلت شمال
الضفة عن جنوبها، الأمر الذي أفقد الدولة الفلسطينية العتيدة تواصلها
الإقليمي. أما العرب الفلسطينيون، الذين بقوا في القدس الشرقية، فقد
تعاملت الحكومة الإسرائيلية معهم بوصفهم أجانب مقيمين في إسرائيل، ومنحتهم
تصاريح إقامة دائمة (انظر: مقالة وليد الخالدي في الملف الذي نشرته مجلة
(الدراسات الفلسطينية) عن القدس، بيروت، العدد 43، صيف 2000، ص 9-37).


وبعد
التوقيع على اتفاقية أوسلو، في عام 1993، تكثّفت الإجراءات الإسرائيلية
الرامية إلى إحكام السيطرة الإسرائيلية على القدس، وذلك عن طريق توسيع
دائرة الاستيطان اليهودي فيها، وتقييد حركة البناء العربي وسحب هويات كل
من غادرها، لمدة سبع سنوات، أو أقام خارجها من مواطنيها الفلسطينيين،
وكذلك عن طريق تضييق الخناق على المؤسسات الفلسطينية العاملة فيها.


فبعد
أن أقدمت سلطات الاحتلال قبل سنوات على إغلاق أبرز المؤسسات العربية في
القدس، التي تمثّل عنوان السيادة الفلسطينية في المدينة، وتقدم خدمات
اجتماعية هامة للمواطنين المقدسيين، مثل (بيت الشرق) و(جمعية الدراسات
العربية) و(الغرفة التجارية) و(لجنة إحياء التراث)، قامت قبل أكثر من سنة
بإغلاق (مجلس الإسكان الفلسطيني) بذريعة أن له صلات مع السلطة الفلسطينية،
علماً بأن هذا المجلس، الذي تأسس عام 1991، يمتلك رخصة للعمل في المدينة.
كما حظرت هذه السنة كل النشاطات الثقافية التي كان يفترض تنظيمها بمناسبة
إعلان القدس عاصمة للثقافة العربية.


ومن جهة أخرى، تكثّفت، في
السنوات الأخيرة، عمليات الاستيطان اليهودي في قلب البلدة القديمة
والأحياء المحيطة بها، مثل الشيخ جراح ووادي الجوز وراس العامود وسلوان
والطور، واستمر العمل في تنفيذ مشروع استيطاني كبير يقام على جبل الزيتون
في منطقة راس العامود مقابل المسجد الأقصى، وذلك بتمويل من المليونير
اليهودي (موسكوفيتش). كما تستمر، تحت حجة تلبية حاجات النمو الطبيعي،
عمليات بناء عشرات الآلاف من الوحدات الاستيطانية، في مشارف الأحياء
الاستيطانية، مثل رمات شلومو ، وغيلو ، وراموت.


وكشفت تقارير
إسرائيلية صدرت مؤخراً أن الحكومة الإسرائيلية والجمعيات الاستيطانية تعد
حالياً خطة لإحاطة البلدة القديمة بشبكة طرق وحدائق يهودية، وذلك بهدف
إيجاد تواصل جغرافي بين العديد من المواقع اليهودية وربطها بالمستوطنات
الاستراتيجية المحيطة بمدينة القدس. كما يجري العمل على خطط أخرى لتوسيع
حدود المدينة إلى البحر الميت ووادي الأردن، بحيث يتم الاتصال بين وسط
الضفة الغربية وجنوبها عبر أنفاق أو طرق التفافية. وفي الوقت نفسه، تستمر
عمليات عزل مناطق سكنية فلسطينية عديدة، بلغ عدد سكانها حتى الآن نحو 80
ألفاً، خلف جدار الفصل ومصادرة بطاقات الهوية من العرب المقدسيين المقيمين
فيها.


وبالتوازي مع هذا التوسع الاستيطاني اليهودي غير المسبوق،
يتواصل، في ظل تقييد حركة البناء العربي في القدس، المخطط الرامي إلى هدم
نحو 6000 منزل فلسطيني في المدينة وضواحيها، بحجة أنها بنيت من دون ترخيص
إسرائيلي، ولأنها تقع ضمن ما يسمى (الحوض المقدس) و(المناطق الخضراء).


ومنذ
أكثر من سنتين، يواجه المسجد الأقصى مخاطر الانهيار، إذ أثبتت الدراسات
الميدانية أن التصدعات والشقوق في المباني والمساكن الموجودة في الجهة
الجنوبية من الأقصى وفي منطقة وادي حلوة وصولاً إلى عين سلوان، إضافة إلى
عدد من البيوت التاريخية الملاصقة للسور الغربي للمسجد، تزداد وتتسع،
نتيجة أعمال الحفر الإسرائيلية التي تتواصل في مناطق عدة من البلدة
القديمة، بعمق 34 متراً. كما يزداد الخطر على الأقصى بسبب تصاعد محاولات
المتطرفين اليهود لاقتحامه وإقامة شعائرهم الدينية فيه. إذ قام 133 من
هؤلاء المتطرفين اليهود، قبل فترة قصيرة، باقتحام باحات المسجد من بوابة
المغاربة، تحت حماية شرطة الاحتلال، وقاموا بأداء شعائر تلمودية، فيما
يدعى ذكرى خراب الهيكل.


المجتمع الدولي يرفض الاعتراف بشرعية كل الإجراءات الإسرائيلية

ومن
المعروف أن المجتمع الدولي قد رفض الاعتراف بكل التغييرات التي أدخلتها
إسرائيل على وضع القدس الشرقية، إذ صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة،
منذ الرابع من تموز 1967، قرار حمل الرقم 2253 يعدّ إجراءات إسرائيل
الرامية إلى تغيير وضع القدس الشرقية باطلة. وفي 21 أيار 1968، أقر مجلس
الأمن القرار رقم 252 الذي جاء فيه: (إن مجلس الأمن يعدّ كل الإجراءات
والتدابير التشريعية والإدارية التي اتّخذتها إسرائيل، وبضمن ذلك مصادرة
الأراضي والعقارات، والرامية إلى تغيير الوضع القانوني للقدس، يعدّها
إجراءات وتدابير باطلة ولا يمكنها تغيير هذا الوضع). كما طالب القرار
إسرائيل (بالتراجع الفوري عن كل تلك الإجراءات والتدابير المتخذة
والامتناع عن القيام بأفعال جديدة ترمي إلى تغيير وضع القدس). ثم أصدر
المجلس نفسه، في 25 أيلول 1971، القرار رقم 298، الذي أبدى فيه أسفه لعدم
احترام إسرائيل القرارات الدولية الخاصة بوضع القدس.


وقد جدد مجلس
الأمن في مناسبات عديدة تأكيد هذا الموقف. فعندما اتّخذت إسرائيل إجراءات
بهدف جعل القدس الموحدة عاصمة لها، تبنّى مجلس الأمن، في 30 حزيران 1980،
القرار رقم 476، الذي يدعو إسرائيل، بوصفها الدولة المحتلة (إلى الاستجابة
لهذا القرار ولكل القرارات السابقة التي اعتمدها مجلس الأمن، وإلى التوقف
فوراً عن تطبيق سياستها الرامية إلى تغيير طابع مدينة القدس ووضعها).


وفي
20 آب 1980، أصدر مجلس الأمن قراراً جديداً حمل الرقم 478، أكد فيه عدم
شرعية كل الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل لتغيير وضع القدس، وطالب الدول
التي نقلت بعثاتها الدبلوماسية إلى المدينة بسحبها منها.


وفي 12
تشرين الأول 1990، وخلال أحداث الانتفاضة الأولى، أصدر مجلس الأمن القرار
رقم 672 الذي يدين أعمال العنف التي لجأت إليها قوات الأمن الإسرائيلية ضد
المواطنين الفلسطينيين في الحرم القدسي، والتي أدت إلى سقوط قتلى وجرحى،
ويدعو إسرائيل إلى (احترام اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين
في زمن الحرب، المقرة في 12 آب 1949، والتي تنطبق على الأراضي التي تحتلها
إسرائيل منذ عام 1967).


وفي 9 شباط 1999، أصدرت الجمعية العامة
قراراً تؤكد فيه مواقفها السابقة فيما يتعلق بعدم شرعية كل الإجراءات التي
اتخذتها إسرائيل لتغيير معالم القدس ووضعها. وأكد قرار دولي جديد، صدر في
1 كانون الأول 2000، بعد اندلاع الانتفاضة الثانية، بأن (قرار إسرائيل
بفرض قوانينها، وتشريعاتها وإدارتها، على مدينة القدس تعدّ غير شرعية،
وباطلة). كما عبرت الجمعية العامة عن أسفها لقيام بعض الدول بنقل بعثاتها
الدبلوماسية إلى القدس.


مستقبل القدس: لا بديل عن السيادة الفلسطينية الكاملة

كانت
اتفاقية أوسلو قد أبقت قضية القدس معلّقة حتى مفاوضات الحل النهائي. وبهدف
استباق هذه المفاوضات، حاولت الحكومة الإسرائيلية المناورة مع الأردن، إذ
أشير في البند الثاني من المادة التاسعة من معاهدة السلام التي أبرمت بين
الأردن وإسرائيل، في 26 تشرين الأول 1994، إلى أن إسرائيل (تحترم الدور
الحالي الخاص للمملكة الأردنية الهاشمية في الأماكن الإسلامية المقدسة في
القدس، وعند انعقاد مفاوضات الوضع النهائي مع الفلسطينيين ستولي إسرائيل
أوَّلية كبرى للدور الأردني التاريخي في هذه الأماكن) (انظر: مجلة
الدراسات الفلسطينية، بيروت، العدد 20، خريف 1994، ص 188).


بيد أن
الحكومة الأردنية لم تمرر تلك المناورة الإسرائيلية، وأكدت، بعد توقيع
اتفاقية وادي عربة، دعمها منظمة التحرير الفلسطينية في نضالها من أجل ضمان
السيادة الفلسطينية على جميع الأراضي التي احتلت في عام 1967، وبضمنها
القدس الشرقية.


وفي قمة كامب ديفيد، طرحت قضية القدس للمرة الأولى
على طاولة المفاوضات بين منظمة التحرير والحكومة الإسرائيلية، وانحكم
الموقف الإسرائيلي إزاءها بالموقف العام الذي تبنّته إسرائيل، والذي قام
على أساس مبدأ (التنازل المتبادل) بين شريكين على أراضٍ متنازع عليها،
وليس على أساس تطبيق القرار 242، الذي لا يمثّل، في نظر الإسرائيليين،
أكثر من قاعدة للتفاوض، ولا ينطبق على الضفة الغربية وقطاع غزة لأنه معني
بالدول.


وعلى هذا الأساس، رفض إيهود باراك، خلال المفاوضات،
التخلي عن السيادة الإسرائيلية على (جبل الهيكل)، ووافق على منح
الفلسطينيين إدارة بلدية في القرى الواقعة على أطراف القدس الكبرى، على أن
تبقى تحت السيادة الإسرائيلية، أو على منحهم السيادة الكاملة على هذه
القرى في مقابل عملية تبادل للأراضي تسمح بإدماج مستعمرات كبرى، مثل
معاليه أدوميم وغيفات زيف، في نطاق القدس الكبرى.


وعندما رفض
الرئيس الراحل ياسر عرفات هذين المقترحين الإسرائيليين، تقدم الرئيس
كلينتون بمقترح جديد يقضي بتقاسم السيادة على الحرم القدسي، بحيث تكون
للفلسطينيين سيادة على الحرم فوق الأرض، وتكون للإسرائيليين سيادة عليه
تحت الأرض. وعندما رفض الفلسطينيون هذا المقترح الأمريكي، وأخفقت قمة كامب
ديفيد في الوصول إلى نتيجة، أدخل الرئيس كلينتون، في اللقاء الذي جمعه في
23 كانون الأول 2000 مع عدد من المفاوضين الفلسطينيين والإسرائيليين في
واشنطن، تعديلات بسيطة، لصالح الفلسطينيين، على مقترحه الأول، ولكن على
أساس مقايضة تفرض عليهم التنازل عن حق العودة في مقابل حصولهم على سيادة
محدودة على القدس الشرقية.


وقد شهد الموقف الإسرائيلي من قضية
القدس تشدداً خلال السنوات التي تفصلنا عن قمة كامب ديفيد الفاشلة، إذ
باتت الحكومة الإسرائيلية، ولا سيما اليوم في ظل رئاسة بنيامين نتنياهو،
ترفض مبدأ التفاوض حول هذه القضية ويرى أن مصير المدينة قد حسم وباتت
القدس الموحدة (عاصمة أبدية) لدولة إسرائيل.


ومع أن الحكومات
الإسرائيلية المتعاقبة قد ادّعت أنها ستضمن حرية العبادة في الحرم القدسي،
إلا أن تاريخ احتلالها الطويل للقدس الشرقية كان، في الواقع، تاريخ لجوئها
المتكرر إلى إجراءات الإغلاق والحصار لمنع المسلمين من الوصول إليه،
والتغاضي عن محاولات المتطرفين اليهود التي استهدفت، وما زالت تستهدف،
تدميره (وبضمن ذلك محاولة إحراقه في 21 آب 1968)، وقيام جنودها بارتكاب
العديد من المجازر في ساحته.


وفي مواجهة هذا الموقف الإسرائيلي،
لن يكون أمام الفلسطينيين سوى التمسك الحازم بمبدأ السيادة العربية
الفلسطينية على القدس الشرقية بكاملها، وعدم الوقوع في فخ تقاسم السيادة
على المدينة والانجرار إلى (لعبة النسب المئوية). فقضية القدس الشرقية هي
قضية سياسية في المقام الأول، ينبغي على إسرائيل أن تنسحب منها بالكامل
وأن تزيل كل الوقائع التي خلقتها على أرضها، وبخاصة الوقائع الاستيطانية،
وذلك وفقاً لقرارات الشرعية الدولية. وقد يكون من المناسب للفلسطينيين،
وكما كان قد ذكر القائد المقدسي الراحل فيصل الحسيني، أن يطرحوا في
المستقبل، على طاولة المفاوضات في حال استئنافها، مستقبل مدينة القدس
بكاملها وليس قسمها الشرقي فقط، إذ إن 70 في المئة من الأراضي والبيوت في
القسم الغربي منها هي ملك للفلسطينيين.


(نص المحاضرة التي ألقيت في الندوة التي نظّمتها جمعية العاديات-فرع دمشق في 22 تشرين الثاني 2009)د. ماهر الشريف

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mawa-almottakin.ahlamontada.com
 
قضية القدس بين بعديها الديني والسياسي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قضية القدس عربية..؟؟
» القدس قضية عربية واسلامية؟؟
» دولة فلسطينية مؤقتة دون القدس
» القدس : من لشهدائك يا قدس؟!
» بعد مكة والمدينة.. معتمرو روسيا في القدس

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مأوى المتقين  :: ونعم دار المتقين :: منتدى المساجد :: المسجد الأقصى الشريف-
انتقل الى: