الامام اسحاق بن راهويه
هو الإمام الحافظ الكبير، شيخ أهل
المشرق وعالمها، فقيه خراسان1 إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن إبراهيم بن عبد الله بن
مطر بن عبيد الله بن غالب بن وارث بن عبيد الله بن عطية بن مرة بن كعب بن همام بن
أسد بن مرة بن عمرو بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم التميمي، ثم الحنظلي
المرزوي، نزيل نيسابور.
وكنيته أبو يعقوب، وكان يكنى أبا محمد نسبة إلى أحد أولاده: محمد بن إسحاق بن
راهوية، وكان فقيهاً جليلاً تتلمذ على والده والإمام أحمد.2
وشهرته ابن راهوية، وإنما اشتهر بها، لأن والده ولد في طريق مكة فقالت المراوزة:
راهوية، لأنه ولد في الطريق، وقد سأل الأمير عبد الله بن طاهر3 الإمام إسحاق فقال
له: لم قيل لك ابن راهوية، وما معنى هذا،
وهل تكره أن يقال لك ذلك؟ فقال: اعلم
أيها الأمير أن أبي ولد في طريق مكة، فقالت المراوزة راهوية، لأنه ولد في الطريق،
وكان أبي يكره هذا وأما أنا فلا أكرهه1.
وكما كان والد إسحاق يكره أن يدعى براهوية كان الإمام أحمد يكره أن يدعى قرينه
ورفيق حياته بذلك، فقد ذكر الخطيب البغدادي عن أحمد بن حفص السعدي2 يقول: ذكر أحمد
بن حنبل وأنا حاضر إسحاق بن راهوية فكره أحمد أن يقال راهوية، وقال: إسحاق بن
إبراهيم الحنظلي3، وهذا من تمام أدبه وورعه مع زميله الإمام إسحاق رحمه الله.
ولادته،
ونشأته
اختلفت الأقوال في تاريخ ولادته إلى أقوال، وأرجح الأقوال أنه ولد سنة
إحدى وستين ومائة رجح هذا القول الخطيب البغدادي فقال بعد أن ساق عن الإمام
البخاري: أن إسحاق بن راهوية توفى وهو ابن سبع وسبعين سنة قال الخطيب: وهذا يدل على
أن مولده كان في سنة إحدى وستين ومائة قبل مولد أحمد بن حنبل بثلاث سنين.1
وكان ولادته في مدينة مرو الشاهجان التي هي قاعدة بلاد خراسان على نهر مرغاب، فتحها
الأحنف بن قيس أيام الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وسكن فيها من
الصحابة بريدة بن الخصيب والحكم بن عمر الغفاري، وبذروا فيها بذور العلم والحكمة،
فأضحت المدينة الكبرى، والدار العظمى مربع العلماء، ومرتع الملوك والوزراء، وأخرجت
كثيراً من علماء الدين والأعيان ما لم تخرج مدينة مثلهم، منهم الإمام أحمد، وسفيان
الثوري، وعبد الله ابن المبارك، وهي مدينة حسنة المنظر، في أهلها رفق ولين الجانب2
وحسن المعاشرة.
في هذه الأرض الطيبة، والطبيعة
الخلابة، والبيئة العلمية نشأ الإمام إسحاق بن راهوية في كنف أبيه التقي الورع
المتحضر للمجد والسؤدد الذي قال فيه أحمد بن سعيد الرباطي1 في جملة أبيات يمدح فيها
الإمام إسحاق فقال:
أبوك إبراهيم محض التقى سباق مجد وابن
سباق2
فأخذ والده بتنشئته تنشئة علمية،
ووجهه إلى التفقه في الدين فاتجه إلى هذا المجال يساعده في ذلك ذكاؤه المتوقد، وقوة
ذاكرته العجيبة، وسرعة حفظه النادرة، فأدرك عصر النشاط العلمي الذي كان لبلده نصيب
وافر فيه، فكان لهذه الأسباب أثر في نبوغه وشهرته، وتفوقه على أقرانه.
طلبه للعلم،
ورحلاته
ابتدأ الإمام إسحاق رحمه الله منذ نعومة أظافره بطلب العلم فالتحق
بالكتاب، وحفظ بعض المجاميع، وتلقى الفقه، كما ذكر لدى مناقشته أحد الفقهاء في مجلس
الأمير عبد الله بن طاهر.1
كما حضر مجالس كبار علماء بلده مثل عبد الله بن المبارك وهو صبي حدث، ثم ترك
الرواية عنه لحداثته، ولأنه لم يجد في نفسه الكفاءة التامة المطلوبة لذلك2، كما
التقى بطائفة جليلة من أقطاب أئمة عصره، أمثال الفضل بن موسى السيناني، وعمر بن
هارون3 والنضر بن شميل المازني، ويحيى بن واضح4، وخلق سواهم.5
وكان لهؤلاء الشيوخ أثر كبير في توجيه
الإمام إسحاق العلمي، ولما أحس أنه قد أخذ الحديث والفقه، وغيرها من العلوم من
علماء بلده، وما حولها من بلاد خراسان، ابتدأ في الرحلة لطلب العلم، فكان أول
رحلاته إلى بغداد حاضرة العالم الإسلامي ومهد العلوم، ومقصد طلاب العلم من شتى
الأمصار الإسلامية آنذاك، وكان ذلك سنة أربع وثمانين ومائة وهو ابن ثلاث وعشرين
سنة.1
ثم تتابعت رحلاته، فورد بغداد غير مرة، ورحل إلى الحجاز واليمن والشام2 فسمع من
علمائها، وتوطدت العلاقة بينه وبين قرينه الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله فكانا
يتذاكران العلم، حتى غفلوا عن التكبير لانشغالهما بالمذاكرة.3
وقال الإمام إسحاق رحمه الله: كنت أجالس أحمد وابن معين، ونتذاكر فاقول: ما فقهه؟
وما تفسيره؟ فيسكتون إلا أحمد4 وكان صدراً في مجالس العلماء، يدير المناقشة بين
الحاضرين، ويلقي الأسئلة، كما نقل
ذلك محمد بن يحيى الذهلي1 قال: وافقت
إسحاق ابن إبراهيم صاحبنا سنة تسع وتسعين ببغداد اجتمعوا في الرصافة أعلام أصحاب
الحديث فمنهم أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وغيرهما فكان صدر المجلس لإسحاق، وهو
الخطيب.2
والتقى الإمام إسحاق رحمه الله بالإمام الشافعي أثناء رحلته مع الإمام أحمد إلى
الحجاز، فقد قال إسحاق بن راهوية: لقيني أحمد بن حنبل بمكة فقال: تعالى حتى أريك
رجلاً لم تر عيناك مثله، فأراني الشافعي.
وقال: وكان أحمد يجالس الشافعي، وكنت لا أجالسه. فقال لي أحمد يا أبا يعقوب: لم لا
تجالس هذا الرجل؟ فقلت: ما أصنع به وسنه قريب من سننا؟ كيف أترك ابن عيينة وسائر
المشايخ لأجله؟ قال: ويحك هذا يفوت، وذلك لا يفوت، قال إسحاق فذهبت إليه، وتناظرنا
في كراء بيوت أهل مكة3.
ونقل نتيجة هذه المناظرة الإمام أحمد رحمه الله الحكم العدل
والصديق الحميم للمتناظرين، قال صالح
بن أحمد بن حنبل قال أبي "جلست أنا وإسحاق بن راهوية يوماً إلى الشافعي، فناظره
إسحاق في السكنى بمكة، فعلا إسحاق يومئذ الشافعي".1
كما ناظره في جلود الميتة إذا دبغت، فقال الشافعي: دباغها طهورها فقال إسحاق: ما
الدليل؟ فقال الشافعي:حديث الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن ميمونة
أن النبي صلى الله عليه وسلم "مر بشاة ميتة فقال: هلا انتفعتم بجلدها"، فقال إسحاق:
حديث ابن عكيم: "كتب إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته بشهر لا تنتفعوا
من الميتة بإهاب ولا عصب" أشبه أن يكون ناسخاً لحديث ميمونة أنه قبل موته بشهر،
فقال الشافعي: هذا كتاب وذاك سماع فقال إسحاق: إن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى
كسرى وقيصر وكان حجة عليهم عند الله فسكت الشافعي.2
كما التقى خلال رحلاته بعبد الرزاق الصنعاني باليمن فقد قال: كنت مع أحمد بن حنبل
عند عبد الرزاق، وكان معي جارية، وسكنا فوق وأحمد أسفل في البيت فقال لي: يا أبا
يعقوب هوذا يعجبني ما أسمع
من حركتكم. قال: وكنت أطلع
فأراه يعمل التكك ويبيعها، ويتقوت بها.1
وهكذا جمع الإمام إسحاق علماً كثيراً نافعاً، وضارع بعض أئمة عصره وفاق آخرين،
واشتهر حتى أن بعض شيوخه حلف أن لا يحدث كذا شهراً واستثناه، فقد قال الإمام إسحاق
أتيت وهب بن جرير فقال: قد حلفت أن لا أحدث كذا شهراً، قال: قلت قد أغنى الله عنك،
وأردت أن يكون اسمك عندي، قال: فقال لي: من أين أنت؟ قلت: خراساني قال: لعلك إسحاق
بن راهوية؟ قال: قلت: نعم، قال: قد استثنيتك فسلني.2
وبعد هذا التجوال في البلاد الإسلامية، والاستفادة من علمائها وتزوده بالعلم
النافع، عاد إلى خراسان، واستوطن نيسابور.3
وغدا مسموع الكلمة، موفور الكرامة، مقدماً لدى الأمراء مرجعاً للعلماء، قدوة للخاصة
والعامة.
بعض
شيوخ الإمام إسحاق
لقد كان الإمام إسحاق رحمه الله شغوفاً بالعلم، فلذا كثرت رحلاته
العلمية، التقى خلالها بكثير من علماء عصره المبرزين في العلوم الإسلامية من فقه،
وحديث، وتفسير، وليس قصدي في هذه العجالة أن أحصر وأجمع كل من التقى بهم وتتلمذ
عليهم من الشيخ وإنما أترجم لبعض شيوخه الذين لهم تأثير في حياته العلمية، وهم على
سبيل المثال:
- ابن المبارك 118-181هـ.
هو عبد الله بن مبارك بن واضح المرزوي، مولى بنى حنظلة، ثقة فقيه، عالم، قال أحمد:
"لم يكن في زمان ابن المبارك أطلب للعلم منه، وكان صاحب حديث حافظاً"، وقد أفنى
عمره في الأسفار حاجاً، ومجاهداً، وتاجراً، وجمع الحديث والفقه، والعربية، وأيام
الناس والشجاعة، والسخاء، كان من سكان خراسان، ومات بهيت على الفرات منصرفاً من غزو
الروم.
سمع منه الإمام إسحاق وهو حدث، فترك الرواية عنه لحداثته.1
- الطنافسي ت 185هـ.
هو عمر بن عبيد بن أمية الطنافسي -بفتح الطاء والنون وبعد الألف فاء مكسورة، ثم سين
مهملة- الكوفي صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة، روى عنه الإمام أحمد وإسحاق وابنا
أبي شيبة وخلق سواهم، قال الإمام أحمد: لم ندرك بالكوفة أحداً أكبر منه، وقال ابن
سعد: كان شيخاً قديماً ثقة توفى سنة خمس وثمانين، وقيل: بعدها.1
- عبد العزيز العمي ت 187.
هو عبد العزيز بن عبد الصمد العمي البصري الحافظ الثقة، أبو عبد الصمد روى له أصحاب
الكتب الستة، وروى عنه أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهوية، وبندار وآخرون توفى سنة سبع
وثمانين ومائة2
-الدراوردي ت 187.
هو الإمام المحدث عبد العزيز بن محمد بن عبيد الدراوردي، أبو محمد المدني الجهني
بالولاء. قال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث، يغلط، أصله من خراسان، ومولده ووفاته
بالمدينة.3
-الفضيل بن عياض ت 187.
هو الفضيل بن عياض بن مسعود التميمي اليربوعي المرزوي، أبو علي شيخ الحرم، من أكابر
العباد الصلحاء، كان ثقة في الحديث، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي
والنسائي، أخذ العلم عنه خلق منهم الإمام الشافعي وإسحاق بن راهوية وابن المبارك.
قال ابن سعد: كان ثقة نبيلاً فاضلاً عابداً ورعاً كثير الحديث، مات بمكة أول سنة
سبع وثمانين ومائة.1
-السيناني 115-192هـ.
الفضل بن موسى السيناني المرزوي الحافظ ثقة ثبت، قال الإمام إسحاق بن راهوية: لم
أكتب عن أحد أوثق في نفسي من الفضل بن موسى ويحيى ابن يحيى، ولد خمس عشرة ومائة،
وتوفى رحمه الله في الحادي عشر من ربيع الأول سنة اثنتين وتسعين ومائة.2
وروى أبو الحسن علي بن إسحاق بن راهوية، قال: ولد أبي من بطن أمه مثقوب
الأذنين، قال فمضى جدي راهوية إلى الفضل بن موسى السيناني فسأله عن ذلك، وقال: ولد
لي ولد خرج من بطن أمه مثقوب الأذنين فقال: يكون ابنك رأساً إما في الخير، وإما في
الشر.1
-مروان الفزاري ت 193هـ.
هو مروان بن معاوية بن الحارث بن أسماء الفزاري الكوفي الحافظ المحدث الثقة، نزيل
مكة، ثم دمشق حدث عنه الإمام أحمد وإسحاق وابن المديني وخلق، وأخرج له أصحاب الكتب
الستة.
وذكره الإمام أحمد بن حنبل فقال: ثبت حافظ، كان يحفظ حديثه كله مات فجأة بمكة في
عشر ذي الحجة سنة ثلاث وتسعين ومائة.2
-الوليد بن مسلم الدمشقي ت 195 هـ.
هو الإمام الحافظ الوليد بن مسلم الدمشقي أبو العباس الأموي مولاهم عالم أهل دمشق،
ومحدث ثقة، حدث عنه الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهوية، وابن المديني وخلق، وصنف
التصانيف والتواريخ، وعني بهذا الشأن أتم العناية، قال الإمام أحمد: ما رأيت في
الشاميين أعقل منه، وأخرج له أصحاب الكتب الستة توفى آخر سنة أربع أو أول سنة خمس
وتسعين ومائة3.
-معاذ بن معاذ العنبري ت 196هـ.
هو معاذ بن معاذ بن نصر بن حسان الحافظ العلامة أبو المثنى العنبري التميمي البصري،
قاضي البصرة، أخذ عنه العلم الإمام أحمد وإسحاق وبندار وخلق كثير، قال الإمام أحمد:
إليه المنتهى في التثبت في البصرة ما رأيت أحداً أعقل منه، توفى في ربيع الآخر سنة
ست وتسعين ومائة1.
-عبد الله بن وهب ت 197.
هو عبد الله بن وهب بن مسلم الإمام الحافظ أبو محمد الفهري مولاهم المصري الفقيه،
أحد الأئمة الأعلام، جمع بين الفقه والحديث، والعبادة، وكان ثقة حجة حافظاً مجتهداً
لا يقلد أحداً، وكان الإمام مالك يكتب إليه: إلى عبد الله مفتي أهل مصر، ولم يفعل
هذا مع غيره، توفى في شعبان سنة سبع وتسعين ومائة2.
-الإمام الشافعي3.
يرجع الفضل في تعريف الإمام إسحاق بالإمام الشافعي إلى الإمام أحمد الذي قال له:
تعالَ حتى أريك رجلاً لم تر عيناك مثله، فأراه الإمام
الشافعي، وقد أعجب الإمام إسحاق
بالإمام الشافعي وناظره، وقال: الشافعي إمام، ما أحد تكلم بالرأي- وذكر الثوري
والأوزاعي ومالكاً وأبا حنيفة- إلا أن الشافعي أكثر اتباعاً، وأقل خطأ منهم1.
وبعد وفاته انكب على كتبه دراسة، يستوعبها، ويستوحيها وذكر البيهقي: أن الإمام
إسحاق تزوج بمرو بامرأة كان عند زوجها كتب الشافعي فتوفي، ولم يتزوج بها إلا من أجل
كتب الشافعي، وقال القهستاني: دخلت يوماً على إسحاق فأذن لي، وليس عنده أحد، فوجدت
كتب الشافعي حواليه، فقلت: {معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده}2 فقال لي:
والله ما كنت أعلم أن "محمد بن إدريس" في هذا المحل الذي هو محله، ولو علمت لم
أفارقه3.
- يحيى بن يحيى النيسابوري 142-226.
هو الإمام الحافظ شيخ خراسان، أبو زكريا بن يحيى بن بكير بن عبد الرحمن التميمي
الحنظلي، النيسابوري، كان من سادة أهل زمانه علماً وديناً، ونسكاً وإتقاناً.
قال الإمام إسحاق: ما رأيت مثل يحيى
بن يحيى ولا أظنه رأى مثل نفسه، وقال أيضاً: مات يحيى يوم مات وهو إمام لأهل
الدنيا، وظهر له نيف وعشرون ألف حديث، وقد توثقت علاقة الإمام إسحاق ببني طاهر،
وصار أثيراً عندهم بسبب الرسالة التي كتبها له شيخه يحيى وسلمها للأمير عبد الله بن
طاهر1.
كما أخذ الإمام إسحاق العلم عن وكيع بن الجراح الرؤاسي المتوفى سنة 197 وسفيان بن
عيينة الهلالي الإمام المعروف ت 198 ويزيد بن هارون الواسطي ت 206، وعبد الرزاق بن
همام بن نافع الصنعاني، فقيه اليمن ت 211هـ وأبي عاصم النبيل شيخ أئمة الحفاظ في
عصره ت 212، والفضل بن دكين ت 219، وعفان بن مسلم الصفار البصري محدث بغداد 220
هـ2.
وقد تقدمت تراجمهم ضمن شيوخ الإمام أحمد رحمه الله.
بعض تلاميذه
- الإمام البخاري ت 256.
تتلمذ على شيخه وأستاذه إسحاق بن راهوية في الفقه والحديث وبمشورته قوي عزمه على
جمع الحديث الصحيح، فصنف الجامع الصحيح، قال أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري:
كنا عند إسحاق بن راهوية فقال: لو جمعتم كتاباً مختصراً لصحيح سنة رسول الله صلى
الله عليه وسلم. قال: فوقع ذلك في قلبي، فأخذت في جمع الجامع الصحيح.1
- الإمام مسلم 204-261.
أخذا العلم من شيخه الإمام البخاري، وشيخ شيخه الإمام إسحاق بن راهوية وتقدمت
ترجمته.
- أحمد بن سيار المروزي ت 268
هو أحمد بن سيار بن أيوب، أبو الحسن الفقيه، ثقة حافظ، أخذ العلم من الإمام إسحاق
بن راهوية، وعفان وطبقتهما، وكان يشبه في عصره بابن المبارك علماً وزهداً، وهو أحد
من أدخل فقه الإمام الشافعي على خراسان، وكان صاحب وجه في مذهب الإمام الشافعي1.
- داود الظاهري ت 270.
هو داود بن علي بن خلف الحافظ الفقيه المجتهد أبو سليمان الأصبهاني البغدادي، فقيه
أهل الظاهر، أخذ العلم عن إسحاق بن راهوية وأبي ثور، وذكر الذهبي أن داود الظاهري
ارتحل إلى إسحاق وسمع منه المسند والتفسير2.
وكان داود أكثر الناس تعصباً للإمام الشافعي وصنف في فضائله والثناء عليه كتابين،
وكان صاحب مذهب مستقل، وتبعه جمع كثير يعرفون بالظاهرية، وكان ولده محمد بن علي على
مذهبه، وانتهت إليه رئاسة العلم ببغداد، فصنف التصانيف، وكان بصيراً بالحديث صحيحه
وسقيمة، إماماً ورعاً ناسكاً زاهداً، توفى ببغداد سنة سبعين ومائتين3.
- الترمذي 209-279.
هو محمد بن عيسى بن سورة بن الضحاك السلمي، صاحب الجامع والعلل، الحافظ العلامة،
طاف البلاد، وسمع خلقاً كثيراً من الخراسانيين والعراقيين. قال أبو سعيد الإدريسي:
كان أحد الأئمة الذين يقتدى بهم في علم الحديث وكان يضرب به المثل في الحفظ،
وقال الحاكم: سمعت عمر بن علك يقول مات البخاري فلم يخلف بخراسان مثل أبي عيسى في
العلم، والحفظ والورع والزهد، بكى حتى عمي، وبقي ضريراً سنين، توفي في الثالث عشر
من رجب سنة تسع وسبعين ومائتين بترمذ.1
عثمان الدارمي ت 280 هـ.
هو الحافظ الإمام الحجة أبو سعيد عثمان بن خالد السجستاني، محدث هراة، وتلك البلاد،
أخذ العلم عن ابن المديني، ويحيى، وأحمد وإسحاق وأكثر الترحال، وله تصانيف في الرد
على الجهمية، وهو الذي قام على ابن كرام، وطرده من هراة فيما قيل. توفي في ذي الحجة
سنة ثمانين ومائتين2.
-عبدوس النيسابوري ت282
الحافظ الكبير أبو محمد عبد الله بن مالك النيسابوري، نزيل سمرقند أخذ العلم من
يحيى بن يحيى، وقتيبة، وابن راهوية.
توفي بسمرقند سنة اثنتين وثمانين ومائتين.3
- محمد السندي ت286
هو محمد بن محمد بن رجاء بن السندي الحافظ الإمام الكبير أبو بكر الإسفرائيني، مصنف
الصحيح، ومخرجه على كتاب مسلم، سمع إسحاق بن راهوية، وأحمد بن حنبل، وعلي بن
المديني، وأكثر الترحال.
قال الحاكم: كان ديناً ثبتاً مقدماً في عصره. توفي سنة ست وثمانين ومائتين، وكان من
أبناء الثمانين.1
- محمد بن راهوية
هو محمد بن الإمام إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن إبراهيم أبو الحسين المروزي المعروف
بابن راهويه، ولد بمرو، ونشأ بنيسابور، سمع أباه، ومحمد بن رافع القشيري، ومحمد بن
يحيى الذهلي، والإمام أحمد، وعلي بن المديني، وحدث ببغداد، فروى عنه أهلها، كان
عالماً بالفقه جميل الطريقة مستقيم الحديث، قال محمد بن إسحاق: دخلت على أبي عبد
الله فقال: أنت ابن أبي يعقوب؟ قلت: بلى، قال: أما أنك لو لزمته كان أكثر لفائدتك،
فإنك لم تر مثله، استشهد على يد القرامطة حين كان في طريقه للحج سنة أربع وتسعين
ومائتين 2.
- ابن نصر المروزي 202-294هـ
هو محمد بن نصر الإمام شيخ الإسلام، أبو عبد الله المروزي الفقيه ولد سنة اثنتين
ومائتين، وكان من أعلم الناس باختلاف الصحابة ومن بعدهم في الأحكام، قال الحاكم:
إمام أهل الحديث في عصره بلا مدافعة، قال ابن حزم: أعلم الناس من كان أجمعهم للسنن،
وأضبطهم لها، وأذكرهم لمعانيها، وأدراهم بصحتها، وبما أجمع عليه الناس مما اختلفوا
فيه، إلى أن قال: وما نعلم هذه الصفة بعد الصحابة أتم منها في محمد بن نصر، فلو قال
قائل: ليس لرسول الله صلى الله عليه وسلم حديث، ولا للصحابة سنة، إلا وهو عند محمد
بن نصر، لما بعد عن الصدق، وقد أخذ العلم من الإمام إسحاق رحمه الله1.
- النسائي 215-303
هو أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر بن دينار الخراساني النسائي
القاضي الإمام الحافظ، أحد الأئمة المبرزين والحفاظ المتقنين، والأعلام المشهورين،
طاف البلاد وسمع من خلائق.
قال الحاكم: كان النسائي أفقه مشايخ مصر في عصره وأعرفهم بالصحيح. وقال الذهبي: هو
أحفظ من مسلم بن الحجاج، توفى سنة ثلاث وثلاثمائة1.
- أبو العباس السراج ت313
هو أبو العباس محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مهران الثقفي مولاهم النيسابوري، أخذ
العلم من الإمام إسحاق، وحدث عنه الشيخان وأبو حاتم، وورد بغداد مراراً، وحدث بها
شيئاً يسيراً، وأقام بها دهراً طويلاً، ثم رجع إلى نيسابور، واستقر بها إلى حين
وفاته سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة2.
يتبع .