التأمين التجاري ردا على سؤال حول: "ما الحكم في أنواع التأمين المختلفة؟"
أجاب فضيلة الشيخ الدكتوريوسف القرضاوي قائلا:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسولالله..
أولا أحب أن أقول: لا يوجد فقيه واحد أباحالتأمين إباحة مطلقة؛ فلم يفتح أي فقيه الباب على مصراعيه، أعظم من قال بإباحةالتأمين وأشهرهم وأبلغهم هو الفقيه العلامة الشيخ مصطفى الزرقا حفظه الله، هو أولمن نادى بذلك بقوة، وكتب فيه كتابا، وكان ذلك في المؤتمر الذي عقده المجلس الأعلىللآداب والفنون أيام الوحدة بين مصر وسوريا وقدم هذا، ثم قدمه للمؤتمر الاقتصاديالذي عقد سنة 1976م في مكة المكرمة وطوره وأصبح له كتاب كبير في هذا، هو لم يقلبإباحة التأمين الحالي بعُجَرِه وبُجَرِه لا.. هو يقول: لا بد أن نخلصه منالشوائب.
الفقهاء الذين تحدثوا في قضيةالتأمين:
الشيخ الزرقا، ومثله الشيخ الخفيف رحمه الله،ومثله الشيخ عبد الله بن زيد المحمود هنا في قطر له رسالة في أحكام التأمين، وهؤلاءطبعا الذين أجازوا التأمين من حيث هو عقد؛ يعني قالوا: التأمين كعقد لا غبار عليه،إنما الذي لم يجزه التأمين من حيث التطبيق الحالي، فإذا استطعنا أن نزيل الربا فمنالممكن أن يدخل فيه الربا، وممكن الشركة نفسها تتعامل بالربا، نزيل الشروط الفاسدة،إذا كان هناك غرر فاحش نحاول أن نقلل من هذا الغرر، بعض شركات التأمين تستغل حاجةالناس إلى هذا التأمين؛ فترفع من قيمة التأمين، وتأخذ أشياء كثيرة جدا وتربح أرباحاهائلة، ليس فقط بقدر التكلفة وتربح ربحا مقبولا، لا بل تربح ربحا كبيرا جدا والناسمضطرون؛ فالذين أجازوا هذا قالوا: لا بد لكي يكون التأمين حلالا، وهم يرون أن العقدلا حرج فيه في حد ذاته، يقولون لك: لا بد أن نخلصه من شوائبه هذه حتى يكونحلالا.
هناك من يمنعون التأمين التجاري والتأمين عنالحياة، وأكثر الفقهاء يمنعونه وأنا منهم، إنما التأمين على الأشياء على الأموالعلى الممتلكات أقرب إلى الحِل، حتى إننا كنا في سنة 1972م في ندوة في ليبيا دعتإليها الجامعة الليبية وكلية الشريعة والدراسات الإسلامية والعربية هناك، وكان منضمن الموضوعات التي بحثت في هذه الندوة كان موضوع التأمين، والجميع قالوا: لا داعيللتأمين على الحياة، إنما التأمين على الممتلكات يجوز في عصرنا، إلى أن يوجد البديلالإسلامي الخالص، وهنا المفروض أن تكون محاولاتنا في البديل الإسلامي، والبديلالإسلامي هو التأمين الذي يطلق عليه "التأمين التعاوني" الذي لا يكون القصد فيهالاسترباح؛ فشركات التأمين هي شركات تحاول أن تربح، تربح من حاجات الناس إلى الأمنفهي تربح وتربح أرباحا فاحشة؛ فالفقهاء في عصرنا حاولوا أن يوجدوا البديل، وهذهمهمة الفقه؛ فبدل أن يقول للناس هذا حرام، قالوا البنوك الربوية حرام؛ فماذا نفعل؟هاتوا بديلا. وكانوا يقولون: مستحيل أن يوجد بديل، فلا تحلموا باقتصاد بغير بنوكولا بنوك بغير فوائد، ولكن أمكن عمل بنوك بغير فوائد، وقام البديل عن البنوكالربوية، يبقى أيضا إيجاد البديل عن شركات التأمين الربوية التي هي جزء من النظامالرأسمالي الذي ورثناه -فيما ورثناه- عن الاستعمار؛ فنحن لم ننشئ هذه الأشياء، نحنورثنا هذه الأشياء، كان الاستعمار في بلادنا وأنشأ هذه الأشياء، وورثنا هذه الأشياءمن تراث الاستعمار، البديل هو التأمين التعاوني.
والله أعلم
__________________