قال إنه سيتم تحديد موعد لحماس لزيارة القاهرة حسب جدول أعمال الوزير عمر سليمان.
القاهرة: صلاح جمعة رام الله: كفاح زبون
أرجأ المسؤولون المصريون زيارة وفد حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، للقاهرة، لتقديم «ردها» على وثيقة الوفاق الفلسطيني. ورفضت القاهرة إجراء أي تعديل على الوثيقة التي أعدتها مصر، قائلة على لسان متحدث رسمي «إن الوثيقة مطروحة للتوقيع وليس للتفاوض».
وأضاف المسؤول ذاته «إن مصر ستحدد موعدا لزيارة وفد حماس للقاهرة حسب جدول أعمال الوزير عمر سليمان، رئيس جهاز المخابرات العامة».
وعكس تصريح لمصدر مصري مسؤول مفاده أن القاهرة تشعر باستياء بالغ، وغضب شديد إزاء موقف حماس، التي لا تتعامل مع مصر وفقا لقدرها كدولة كبيرة ومحورية في المنطقة. وشدد المصدر ذاته على أن مصر دولة كبيرة ومحورية وليست تنظيما ولا حركة حتى تتعامل معها «حماس» بهذه الطريقة، فيما بدا أن هناك شعورا بالمرارة من الحركة.
وكانت حركة حماس أعلنت أن وفدا من قيادتها سيزور القاهرة لاستيضاح بعض نقاط وثيقة الوفاق الوطني، التي طرحتها مصر على الفصائل الفلسطينية، ووقعت عليها حركة فتح بشكل منفصل، في حين قالت حماس إنها تحتاج إلى مزيد من التشاور.
وقال مسؤول مصري رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط»: «إننا سنحدد لوفد حركة حماس موعدا لزيارة القاهرة حسب جدول أعمال الوزير عمر سليمان، ولن نقبل بأي تعديل على وثيقة الوفاق الوطني، التي أعدتها مصر، وعلى حماس أن تجيب بنعم أو لا فقط كما التزمت حركة فتح، وأجابت بنعم رغم تحفظاتها».
وزاد المسؤول قائلا «لو فتحنا الوثيقة للتفاوض سنعود إلى نقطة الصفر». وأشار إلى أن «بلاده بذلت جهودا مضنية تفوق الخيال على مدى أكثر من عام شهد اجتماعات وحوارات ومناقشات مكثفة من أجل الوصول إلى اتفاق مصالحة يقبلها الجميع، وقادت جولات الحوار الفلسطيني بكل فاعلية، وتدخلت كثيرا للتوفيق بين مواقف الأطراف، وعندما وصلت الأمور إلى طريق مسدود، اقترحت رؤية لحل الخلافات، وتجاوبت بالفعل الفصائل والقوى المختلفة مع الجهود المصرية لإنجاح الحوار، حتى وصلنا إلى لحظة إنهاء الانقسام وتوقيع الاتفاق يوم الخميس الماضي».
وأوضح المسؤول المصري «أن مصر فوجئت بأن حركة حماس بدأت تسوق الذرائع، وكلها تصب في اتجاه واحد، هو التسويف والمماطلة، وعدم قدرة الحركة على الحضور إلى القاهرة في الموعد المحدد، بدعوى موقف السلطة الفلسطينية من تأجيل تقرير غولدستون الذي أدانته حركة حماس نفسها عقب صدوره».
وتساءل المصدر: «هل من العدل أن تضحي حماس بمصالحة تاريخية من أجل تقرير تعلم نتائجه؟».
وأضاف: «صحيح أنه تقرير على درجة من الأهمية، إلا أن تأجيل المصالحة وتأجيج الساحة الفلسطينية بمناخ مفزع استنادا على هذا التقرير، يعني أن هناك نيات غير سليمة وتوجهات أخرى وأجندات خاصة».
وأشار إلى أن مصر طالبت فتح وحماس بالتوقيع عل وثيقة المصالحة، وإعادتها موقعة يوم الخميس الماضي، وطلبت منهما عدم إدخال أي تعديلات عليها، أخذا في الاعتبار بأن كل ما جاء في الوثيقة سبق الاتفاق عليه.
وأوضح أن فتح التزمت بالموعد رغم أن لديها بعض التحفظات، أما حماس فطلبت مهلة للدراسة والتشاور، مما أدى إلى مزيد من تعقيد الأوضاع، ولذلك لم تجد مصر بدا من تأجيل التوقيع. وقال: «يجب على حماس أن تعلم أن مصر دولة حجمها وثقلها كبيران، ويتعين عليها أن تتعامل معها على هذا الأساس، فنحن لسنا منظمة أو حركة أو فصيلا أو تنظيما».
ومن جانبه، أكد السفير حسام زكى، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، أن ورقة المصالحة التي قدمتها القاهرة لإنهاء الانقسام الفلسطيني، مطروحة للتوقيع وليس للتفاوض، مشيرا إلى أنه منذ الحديث عن «تقرير غولدستون»، بدا هناك شكل من أشكال التراجع عن التوقيع من جانب حركة حماس.
وأشار زكى إلى حدوث تراجع بدل أن يكون هناك تقدم إلى الأمام. وزاد قائلا: «كان المأمول أن يتم التوقيع على ورقة المصالحة خلال هذا الشهر، ولكن رأينا التداعيات التي حدثت في أعقاب موضوع تقرير غولدستون».
وأضاف زكي: «نستمع الآن إلى كلام جديد من حماس مفاده أن مصر قدمت ورقة لم يتم الاتفاق عليها، وهذا كلام غير صحيح، لأن الوثيقة المقدمة من مصر هي خلاصة الحوارات والاتفاقات التي تمت مع جميع الفصائل الفلسطينية وبموافقتهم، والورقة مطروحة للتوقيع وليس للتفاوض».
وأوضح زكي أن «المسألة الآن متروكة للإرادة السياسية للفصائل، فمن يريد أن يوقع عليها فإنه سوف يتخذ موقفا تاريخيا لمصلحة الشعب الفلسطيني، ومن لا يريد أن يوقع فعليه أن يقدم تبريراته وأطروحاته للشعب الفلسطيني».
وأعرب زكي عن أمله «في أن يكون هناك موقف إيجابي من حركة حماس، وأن تحسم كل التحفظات التي أبدتها، وأن تقوم بالتوقيع على الورقة، لأنها تعلم أكثر من غيرها أن مصر ذهبت بعيدا في الاستجابة لبعض الملاحظات والتعليقات التي كانت الحركة قد وضعتها على مائدة المفاوضات».
ونفى السفير زكي وجود نية للدخول في جولات تفاوضية أخرى، وأضاف «إن ما قالته مصر في آخر اتصالاتها مع الحركة هو توقيع الاتفاق، ولم يعد هناك مجال للتفاوض، لأننا توصلنا بعد مفاوضات طويلة إلى هذه الورقة التي تمت صياغتها بأمانة وموضوعية لعرضها على جميع الفصائل الفلسطينية، وحركة فتح أبدت استعدادها للتوقيع فورا»، معربا عن الأمل في أن تتوصل حركة حماس لمثل هذا القرار.
ومن جانبها، أكدت حركة المقاومة الإسلامية «حماس» أن هناك اتفاقا على ترتيب زيارة لوفد من قيادة «حماس» إلى القاهرة لإطلاع المسؤولين المصريين على موقف الحركة من الورقة المصرية المعدلة، مشددةً على أنه يجري حتى اللحظة التواصل لتحديد موعد الزيارة.
وأوضح الدكتور سامي أبو زهري، المتحدث باسم «حماس»، في تصريح له أمس «أن ملاحظات الحركة التي سيتم رفعها إلى القاهرة؛ مرتبطة بالورقة المصرية المعدلة التي تسلمتها الحركة أخيرا، لافتا إلى أن هذه الورقة تضمنت نقاطا لم يجرِ التباحث بشأنها في السابق، كما أن هناك نقاطا جرى الاتفاق عليها وتم حذفها».
وأضاف: «أما الورقة التي عُرضت علينا سابقا وأعلنَّا موافقتنا عليها فنحن ملتزمون بها، ولا يوجد أي تغيير في الموقف إزاء ذلك، وملاحظاتنا فقط هي على تعديلات لم يجرِ بحثها على مضمون الورقة التي تم التوافق عليها مع المسؤولين المصريين».
ومن جهتها، طالبت حركة فتح، مصر والجامعة العربية، الإعلان عن الجهة المعطلة لعقد مصالحة فلسطينية، بل واتخاذ إجراءات بحقها.
وطالب صائب عريقات، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، الدول العربية بالإعلان عن الجهة المعطلة لمساعي المصالحة الفلسطينية، مؤكدا رفض فتح الاستمرار في دوامة الحوار.
واتهم عريقات حماس وبمساعدة محطات تلفزيونية فضائية ناطقة بالعربية، بشن حملة شرسة لضرب الشرعية الوطنية الفلسطينية. على صعيد آخر، أكد الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، مجددا أنه يعتزم الإعلان عن إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية يوم 25 يناير (كانون الثاني) 2010. وقال لأعضاء من حركة فتح في اجتماع للمجلس الثوري للحركة في رام الله، «سأعمل على ذلك بشكل جدي جدا». وأضاف «ضعوا تحت هذه العبارة (جدي جدا) أكثر من خط».
وكان عضو اللجنة المركزية لفتح، محمد المدني، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن فتح تدرس ليل نهار طرق إجراء الانتخابات بدون حماس، لأن الحركة لن تنتظر حماس إلى ما بعد 25 من يناير، وهو الموعد الدستوري لإصدار عباس مرسوما عن الانتخابات.
وتعتبر فتح أن رفض حماس توقيع الورقة المصرية يعني انتهاء الحوار بدون نتيجة.
وكانت السلطة الفلسطينية أعلنت أنها لن تقبل أي تعديل أو تأجيل للتوقيع، وقالت مصادر فتح لـ«الشرق الأوسط» إن الحركة تعتبر توقيعها لاغيا الآن، بانتظار أن تخبرها مصر بشأن شكل أي تحرك قادم، وعلى ضوئه ستقرر الحركة كيف ستتصرف. وحتى إذا أصدر عباس مرسوما، فإن هامش المناورة يبقى ممكنا 3 أشهر، إذ يمكن للرئيس أن يصدر مرسوما آخر يعلن فيه تعذر إجراء الانتخابات، وتحديد موعد آخر لها.