د. عائض القرني
من العبد الفقير عائض القرني إلى الشعب الفلسطيني المجاهد الصامد :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
رسالتي إليكم في نقاط :
الأولى: حسبكم الله ونعم الوكيل، فاعتمدوا عليه وتوكلوا عليه، وفوِّضوا الأمر إليه، ثم عليكم أنفُسكم فجاهدوا أنتم وحدكم، واصبروا أنتم وحدكم، وابذلوا أنتم وحدكم، فليس معكم إلا الله وحده، واغسلوا أيديكم من كثير من العرب، فما معكم منهم إلا الكلام والشجبُ والتنديد؛ فهم ظاهرةٌ صوتيهٌ، ماتت قلوبهم، وخوتْ ضمائرهم، وأنا منهم !
أُمتِّي هل لك بين الأُمَمِ
أتلقاكِ وطَرْفي حَاسرٌ
الإسْرائيلَ تَعْلُو رايةٌ
أو ما كُنْتِ إذا البغيُ اعتدى
رُبَّ وامعتصماه انطلقت
لامست أسماعهم لكنها
منبرٌ للسيفِ أو للقلمِ
أسفاً مِنْ أمْسِكِ المنْصَرمِ
في حِمَى المهدِ وظِلِّ الحرمِ
موجةً مِنْ لهبٍ أو من دمِ
ملء أفواه الصبايا اليتمِ
لم تلامس نخوة المعتصمِ
الثانية: هل غريبٌ أو عجيب أن تهزموا الكيان الصهيوني، بطائراته ودباباته وصواريخ؟ فمتى انتصرنا على الأمم بكثرة جنودنا أو بقوة عتادنا؟ أما كانوا أكثر منا عدداً، وأمضى سلاحاً، فهزمناهم والله، في بدرٍ والأحزاب، واليرموك، والقادسية، وحطين، وعين جالوت، بإيماننا بربنا، وثقتنا بأنفسنا، ومحافظتنا على ديننا، فقاتلوهم بعصيِّكم، وحجارتكم، وسمائكم، وأرضكم، ورجالكم ونسائكم، وأصفالكم، وليتحوَّل كلُّ شابٍ منكم إلى قنبلةٍ موقوتةٍ تدمِّر كلَّ شيءٍ بأمر ربِّها، فسوف تنتصرو بإذن الله، والمستقبلُ لكم، والغد المشرق معكم، والعاقبة لكم إن صبرتم واتَّقيتم.
الثالثة: بالله هل حرَّرت الشعوبُ أوطانها من المغتصبين مستعينةً بغيرها من الدول والشعوب، أم حسمت أمرها وقاتلت وحدها حتى تمَّ لها النصر، ونالت المجد ؟! حتى الأمم الكافرة قاتلت وحدها في الميدان ضدَّ المستعمرين: فالهند وحدها هزمت (بريطانيا) الدولة الُعظمى في عهدها، ولم تستجدِ الشعوب المجاورة، أو تذرف دموعها على المنظَّمات الدولية، والمؤتمرات العالمية!، (وفيتنام) قاتلت الأمريكان وجعلتهم عبرةً للمعتبرين، فخرجوا من أرضها ذليلين حقيرين (واليابان) أيضاً، و(كمبوديا) كذلك.
وانظروا إلى الشعوب المسلمة المعاصرة: فهل حرَّر الجزائر من الفرنسيين العربُ أم الجزائريون؟ بل الجزائريون لما قدَّموا مليون قتيل!، وهل طرد الروس الغزاة من أفغانستان الأفغان أم الدول الإسلامية؟، بل الأفغان بعد أن جعلوا الحجر والمدر قنابل موقوتةً فصيَّروا النهار ظلاماً على الغزاة، والأرض جحيماً، والسماء حميماً.
أيها المجاهدون في فلسطين:
أما سمعتم بقوله سبحانه وتعالى: (قاتلوهم يعذِّبهم الله بأيديكم ويُخزهم وينصركم عليهم ويَشْفِ صدور قومٍ مؤمنين ويُذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله على مَنْ يشاء والله عليمٌ حكيم) وتقبلوا هذه المقطوعة، وهي عذر من لا يملك حولاً ولا قوةً إلا الدعاء لكم بالثبات والنصر.