في سوريا لا بديل عن الحل السياسي.
الكاتب: صالح عوض
بعد سنة كاملة من الحراك في سوريا وما خلفه من قتلى وجرحى ومهجرين وتدمير ينبغي تدبر الواقع، وإلى أين امتدت اطراف القضية ومراقبة الأيادي العابثة في مستقبل سوريا وحاضرها..
وفي هذا المستوى من الحديث يكون الهدوء والتوازن سيدي الموقف، فالمسألة لا يمكن تناولها بروح الجاهلية الغابرة من روح ثأر وانتقام، فالحرب هنا بين اهل وشعب واحد.. ولن يفيد السوريين شيئا ان يجاريهم من استهوته الشعارات والألفاظ الفارغة يدعوهم إلى متابعة مسلسل الدم والقتل والعنف.. لن يفيد السوريين ان تستمر الحرب الفتنة فيما بينهم، فيما العدو الصهيوني على مرمى حجر منهم.. لن يفيدهم إلا ان يتحرر قادتهم في هذه اللحظات التاريخية من شهوة الانتقام وروح الشر التي تسكن الخطابات المغلقة ويفكرون في كل الاحتمالات، فصاحب الاحتمال الوحيد خاسر في معظم الأحيان..
وبكلام منطقي وواقعي، ينبغي ان تدرك قيادة الحراك في سوريا ان حقهم في التظاهر والمطالبة بحقوقهم السياسية ولاجتماعية لا يمنحهم تلقائيا الفوز في الاشتباك مع النظام، فلقد سبق ان انتفضت سورية في بداية الثمانينات وكانت البلاد كلها مسرحا للعمليات المسلحة والقتل والموت، وكان النظام في تلك الآونة قد وصل الى ما يشبه الانهيار، الا ان المعادلة الدولية لم تكن تسمح بسقوطه.. فلم يجن الشعب مما حصل الا القتلى والسجون والفرار من الديار وتغول الجهاز الأمني في البلد..
الآن، من الواضح انه لم يحسم القرار الدولي ضد النظام السوري بشكل قاطع، كما حسم في ليبيا مثلا.. وعدم الحسم الدولي هذا له عدة اسباب موضوعية وذاتية، اولها على المستوى الإقليمي، ان الموقف الرسمي العربي لم يستطع ان يصل إلى لحظة الإجماع في استدعاء تدخل عسكري اجنبي في سوريا، كما ينبغي النظر على الصعيد الاقليمي الى الموقف الايراني وموقف حزب الله والمواقف غير الواضحة في كثير من قوى المنطقة واحزابها، وعلى المستوى الدولي فإن الموقف الروسي والصيني الرافض لأي قرار دولي بتدويل المسألة السورية سيكون غالي الثمن من غير المنظور ان تقدمه الولايات المتحدة للروس في الأجل القريب.. كما ان الارتباطات الفاقعة لما يجري بسوريا بأطراف اقليمية مشبوهة مثل قطر والسعودية وتركيا يجعل من التعاطف الشعبي العربي مرتبكا، غير قادر ان يعتبر المسألة السورية مسألة حريات وكرامة وطنية في وجود ايادي طواغيت يتوارثون الحكم ويوطئون للأعداء باحتلال ديار العرب والمسلمين.
هذا من جهة قيادات المعارضة، ومن جهة النظام المتيبس الممعن في تجاهل الحقائق، فلعل السنة الكاملة اكدت له انه صحيح قد صمد عاما بأشهره الطويلة، وان المعارضة لم تحقق هدفها، وان هناك ظروفا اقليمية ودولية لصالحه، لكنه ينبغي ان يقرأ المسألة من زوايا اخرى على رأسها انه عجز عن حسم الموقف طيلة سنة، وان حالة الاحتجاجات بالسلاح تتوسع، وان هناك ايادي كثيرة ستجد لها فرصة في اثارة الهلع في البلد، وأن كل يوم يمضي تخسر فيه سوريا من قوتها وسلمها الاجتماعي.
الحل السياسي والسلمي هو الخيارالوحيد.. وعلى كل من يريد بسوريا خيرا ان يدفع الإخوة السوريين نحو السلام والحوار.