العراق الذي نسيناه: التفجير والاغتيال والقتل والسرقة؟؟
الكاتب:
صالح عوض
حمام من الدم يدخله العراق كله بعد أن سادت "الديمقراطية" وتشكيل الأحزاب والقضاء على أحادية الحكم.. حمام من الدم لا يستثني أحدا في الشمال والجنوب، سنة وشيعة، عربا وكردا.. التفجيرات في المرافق العامة، والاغتيالات تطال شخصيات علمية واجتماعية ودينية، والقتل بالجملة بعمليات انتحارية.. هذا هو العراق الجديد.
أجل لقد تكسرت النصال على النصال، هكذا أحب المتنبي أن يصف حاله عندما اشتدت عليه المؤامرات.. ونحن اصبحنا لهول ما نرى ونسمع ينسي وجعنا الجديد وجعنا القديم، وتنقلت نار المحنة من عاصمة لأختها، وفي كل مرة يصيبنا الظن ان النكبة التي نعيش هي آخر مصائبنا، وانه لا يمكن ان يكون فوق هذا المصاب مصاب.. الا اننا نكتشف ان هناك ما هو اكثر تنوعا وأشد إيلاما و أثقل وطأة..
العراق.. آه يا قلبنا المنفجر، وسيفنا المكسور، وحمانا المستباح، قبل تسع سنوات كانت قنابل امريكا المحرمة دوليا تحرق العراق شمالا وجنوبا، وتفتك بالآمنين، وتصل الى عناصر الحياة الأولى فتحيلها خرابا.. في مثل هذه الأيام كنا نعد الصواريخ الأمريكية التي تتساقط على رؤوسنا في بغداد، كنا نرى انها تبيد كل ما تصل اليه، ولكن لم نكن لنصدق انها قادرة ان تدفع بغداد للإعلان عن سقوطها في يد المستعمرين الأمريكان، وان زمنا أغبر سيلف العراق.
أرادت امريكا ان تجعل من العراق قاعدة ارتكاز لمشروعها المعلن بشرق اوسط جديد يتم من خلاله تفتيت المنطقة إلى دويلات قومية ومذهبية وطائفية متناحرة، ومن ثم يسهل نهب ثروات الأمة والقضاء على احتمالات نهوضها.
لقد كان العراق نموذجا واضحا لمن أراد ان يستقوي بالأجنبي، فها هو العراق بعد تسع سنوات يعاني معاناة مركبة من الداخل والخارج، ومن غير الواضح ان هناك حلولا قريبة للمآزق التي يعاني منها، المأزق القومي والطائفي والجهوي، هذا بالإضافة لتغلغل الموساد الإسرائيلي في مؤسسات الدولة، والمجتمع، حيث يشرف على تصفية العلماء العراقيين..ويدفع بالارتباك في أوساط الناس والبلد، مما يجعل الحياة غير قادرة ان تنطلق نحو الأمام ومصلحة الناس.
ما كان ينبغي ان ننسى العراق وما حصل فيه.. انهم ارادوا ان يضغطوا علينا ليجعلونا أمة بلا ذاكرة، تكرر مآسيها الواحدة تلو الأخرى.. فبعد العراق كان درس ليبيا المر، حيث قصفت قوات الغربيين مدننا وقرانا وقتلت من الليبيين عشرات الآلاف..
ولكن الذي لا تفهمه الإدارات الغربية ان الأمة تحفظ دروسها كاملة، وهي ان كانت لا تستطيع ان تتخذ المناسب في الوقت الضروري، الا انها تكتنز وعيها لتجعله قوة مناعة اضافية لها، وهذا ما نراه الآن في موقف جماهير الأمة مما يجري في سوريا، حيث تصطف الأمة جميعا ضد تدخل الأجانب مهما كانت قسوة الواقع الداخلي.. ومن هنا نكون قد حققنا لحظة الصمود امام هجوم الدعوة الكاذبة في وقوف الغرب المؤيد لحريات شعوبنا السياسية.. اجل ها نحن نحقق ايقاف الأكذوبة..