تقي الدين Admin
عدد المساهمات : 1362 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 19/04/2009 العمر : 62 الموقع : alger
| موضوع: من تغيير الجو إلى تغيير الزوجة?? الخميس مارس 29, 2012 5:20 am | |
| الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله.
قرأت مقالة الدكتور "حمد القميزي"، والتي جاءت تحت عنوان "قبل أن تطلبي الطلاق، وقبل أن تقول: طالق"، ذهبت لأعلِّق على المقالة ولكنني وجدت أن التعليق قد يكون أطول من المقالة، فرأيت أن أكتب عن الطلاق، أو عن الواقع الذي قاد إلى انتشار وباء الطلاق، كما قرأت في جريدة "المدينة" - يوم الاثنين 12/8 - وأنا أكتب هذه الأسطر مقالة تعالج مشكلة الطلاق أيضًا، والمقالة المذكورة بقلم الأميرة "بسمة بنت سعود بن عبدالعزيز"، وعنوان المقالة: "انهيار مجتمع".
انتشار الطلاق ليس أكثر من انعكاس لحالة الإنسان الحديث، الإنسان المستهلك، الإنسان القلق، كيف لا يقلق وهو مطارد - ليلاً ونهارًا - بوجود قنبلة تستطيع أن تدمِّر الكرة الأرضية مرات عدة؟! كيف لا يقلق وهو يكتشف كلَّ يوم طعامًا أو دواء - يا للسخرية - مسرطنًا؟!
الإنسان القلق ليس غريبًا أن تقلَّ لديه القدرة على تحمُّل ما يعتري مسيرة الحياة الزوجية من مشاكل، وليس غريبًا أن يتحول إلى كائن تملؤه الأنانية، ويسعى دائمًا إلى الحصول على أكبر قدر من اللَّذة - تدلل أحيانًا بمسمى "السعادة" - ويتجنب أقلَّ قدر من الألم، بأية وسيلة.
ذلك المستهلك الذي تطارده الإعلانات، والدعوات إلى تغيير الجو، وتغيير الأثاث، وتغيير السيارة.. إلخ، ليس غريبًا على ذلك المستهلك أن يغيِّر زوجته أيضًا، وهل من المصادفة أن المسلسلات المتلفزة، والأفلام المسينمة - العربية طبعًا - ترمز للحبيبة بالجو؟!
الإنسان - رجلاً أو امرأة - الذي وسمته العولمة بتلك السمات، ليس غريبًا أن عجز عن تحمُّل بعض المنغصات التي لا تخلو منها علاقة زوجية.
من الطرائف أن انتشار الطلاق في إنجلترا أغضب بعض مصوري الحفلات:
مصورو الأفراح، وحفلات الزفاف في إنجلترا غاضبون بشدة هذه الأيام، حيث أصبح الطلاق سريعًا، لدرجة أن المتزوجين حديثًا يحصلون على الطلاق قبل تسلم صور الزفاف، ويرفضون دفع تكاليف الصور الخاصة بحفل زفافهم[1].
وقد حاول زوجان أمريكيان تجنب وباء الطلاق، فوقَّعا على وثيقة تفصيلية تتكون من 27 صفحة، ومما جاء في الوثيقة:
".. وأن يقوما بتنظيف أسنانهما مرتين يوميًّا، وأن يستخدما مزيل العرق، ومحلول غسيل الفم، والاستحمام يوميًّا، وغسل الرأس بالشامبو ثلاث أو أربع مرات في الأسبوع"، والتزم الزوجان بممارسة الرياضة لمدة ساعة على الأقل يوميًّا، والامتناع عن تناول الوجبات السريعة مهما كان الأمر، وأن ينجبا طفلهما الأول عام 1999م، وتعاهد الزوجان على غسيل الأواني وكنس أرضية المطبخ عقب كل وجبة مباشرة[2].
بعيدًا عن أزمة مصوري الأفراح، وعقد الزواج المفصل، نجد الدكتور "جلال أمين" يحدِّثنا عن التغيرات التي حصلت في المجتمع المصري:
"ولم يكن من قبيل الصدفة أن اقترنت بداية عصر الانفتاح في مصر ببداية عصر التضخم الجامح، الذي وضع حدًّا لعصر مدهش لا تكاد الأسعار تتغير فيه بين عام وآخر، ولا تزيد فيه الدخول والثروات إلا ببطء شديد، ولا يكاد يغيّر فيه المرء وظيفته التي بدأ بها، ولا زوجته، ولا يشيع في النفوس قلق ممض مما يمكن أن يأتي به المستقبل[3].
إذا كنا أشرنا - عرضًا - إلى التلفاز، فإن لنا معه وقفة مطولة، فهو متهم رئيس في انتشار الطلاق، كتب من يرمز لنفسه بالدكتور "ريموت بن كنترول":
يقف التلفزيون متهمًا بالتسبب في معظم حالات الطلاق في العالم العربي، دون أن يجد من يدافع عنه، والحقيقة أن الدفاع عنه في هذه النقطة بالذات من أصعب المهام التي لا يطيقها كبار المحامين، ولا ذَوو العزم من رجال القانون، فنصف المسلسلات المعروضة في الفضائيات والمحليات على السواء لا تخلو من حوارات عقيمة حول هذه القضية، فما أن يسخن المسلسل، وتحتدم الأمور حتى تقف صفية وتفرش الملاية قائلة:
"طلقني قبل ما أخرب بيتك يا سعدون".
فيرد الرجل التحية بأحسن منها، ويخرب بيته بيده ويقول:
"روحي طالق بالتلاتة يا صفية".
وليس من الضروري أن تسأل: ما الذي دفع صفية إلى طلب الطلاق؟ ولا لماذا تقلدها المشاهدات في البيوت بتكرار الطلب بحيث صارت كلمة "طلقني" أكثر شيوعًا في البيوت العربية من "صباح الخير"؟! إنما المهم أن تبحث عن الخلل الذي يسببه التلفزيون لأدمغة النساء، ولأدمغة الرجال أيضًا، فهناك مناظر جميلة في المسلسلات لا يطلب الرجل فيها الطلاق، لكن "الست" تقوم مشكورة بالمبادرة وتسرح الرجل بالمعروف من عصمتها، كما حصل في "ليالي الحلمية"، حين وقفت "نازك السلحدار" في لقطة لا تنسى، وقالت لـ"صلاح السعدني": أنت طالق يا عمدة.
وتأتي معظم حالات الطلاق التي تقلِّد المسلسلات من جراء ثقافة التلصص على الأزواج التي تشيعها معظم المسلسلات المعروضة، التي يمكن تحميلها - دون عقدة ذنب ودون تأنيب ضمير - مسؤولية التغيرات الدراماتيكية التي تحصل لأدمغة النساء غصبًا عنهن، ففي الصباح تكون الزوجة بريئة وطيبة ومسالمة، وتودِّع زوجها بكل الود والمحبة، فيذهب ويعود في المساء ليجدها وقد ركبتها العفاريت، وتحولت من حبيبة إلى جلادة ومصاصة دماء..
ولا يعرف الرجل طبعًا أن المسلسل الذي شاهدته زوجته - بعد الظهر - أثناء غيابه كان يحكي عن زوج يستغفل زوجته، ويخونها، وأنها اكتشفت خيانته من دليل لا يقبل الدحض والنقض، وهو شعرة طويلة وجدتها بين كتبه[4]إذا عدنا إلى انتشار الطلاق، فإننا نشير إلى أن الأطفال الذين كان وجودهم يحول دون وقوع الطلاق[6] كما نسأل أيضًا - من منطلق رجعي بحت - أهل العلم الشرعي إن كان بدأ الحياة الزوجية بالمخالفات الشرعية - من الإسراف، إلى كشف الزوجة، وهي تستعد للزفاف، لما يحرم كشفه لغير الزوج - قد يكون سببًا - يضاف إلى غيره من الأسباب - في تعكير صفو الحياة الزوجية، مما يؤدي بعد ذلك إلى الطلاق؟ لم يعد يفعل ذلك، كما أن الشاب المتزوج حديثًا، والذي تثقل الديون كاهله، لا تقف تلك الديون حائلاً بينه وبين تطليق زوجه لأتفه الأسباب، وتلك أمور تثير الدهشة، وتحتاج إلى دراسة مستفيضة من قبل أهل الاختصاص؛ أي: الباحثين الاجتماعيين.
نستطيع أن نشير في الهامش إلى ظاهرة "صاحبات العصمة"؛ أي: الزوجات اللائي تكون العصمة في أيديهن، حيث رفضت إحداهن تطليق زوجها المهندس[5].
(2)
سبق لكاتب هذه السطور أن كتب كراسًا جاء تحت عنوان "قصور على أعمدة الرياح.. السعادة الزوجية أقرب إليك من.. والتعاسة كذلك"، ولكن الأمانة تقتضي أن أقول: إنني لا أنصح بقراءته، ولكنني أستطيع أن أقول أن زبدته متوفرة في رسالة صغيرة أرفقتها بكتاب أحبُّ إهداءه لبعض أبنائنا - وبناتنا - المقبلين على الزواج، رغم علمي بتغير الزمان، وتوسع الأبواب التي تلج منها الثقافة، إضافة إلى الرسالة الصغيرة، هناك قصة أرجو أن يصل مغزاها.
أ - الرسالة بسم الله الرحمن الرحيم
يقينًا أن معظم الناس يفضِّلون أن يرتكبوا الأخطاء بأنفسهم، فذلك يدخل ضمن التجريب الذاتي، وهو شيء يشبه أن تقول لسائق سيارة: أمامك حفرة، فلا يتحاشاها، حتى يجرِّب؛ أي: حتى يقع فيها.
ليس بمقدورنا أن نجبر سائقًا على تفادي الحفرة، لكن علينا أن نخبره بوجودها، ثم نشمت فيه حين يخالف نصيحتنا، تتوقف الشماتة على حجم الضرر الذي أصاب السيارة.
أبغض الحلال
كان أحد زملائنا يتحدَّث عن انتشار الطلاق، فذكر أنه متزوج منذ 30 سنة، ولكن الطلاق لم يكن يومًا أحد الحلول المطروحة، مهما بلغ الخلاف، أو المشاكل بينه وبين زوجته.
لله يا زمري
يُقال: إن رجلاً أعمى يتكسب بالعزف على مزماره، فيقف أمام الدكاكين ويعزف، فيعطونه ما تيسر، وكان يقودُه طفل صغير، فأوقفه يومًا في أحد الأماكن، وأخذ يزمر، فمر عليه أحد الناس، فقال له: ألا تعرف أنك تقف أمام المسجد؟! فقال: لله يا زمري!
هل يبحث الإنسان عن السعادة؟!
أحيانًا يحسُّ الإنسان أن بعض الألفاظ لم تعد تناسب العصر، أو لم تعد تتماشى مع الموضة الفكرية.
مثال: عند الزواج يبحث الرجل... تبحث المرأة... عن إنسان يعين على الطاعة.
مثال: أن تكون العلاقة بين الزوجين مبنية على: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ}، ما الذي يحصل عندما يؤثر كلُّ طرف الطرفَ الآخر على نفسه؟!
رومانسية شرعية
عن أمِّنا عائشة - رضي الله عنها -: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعوني فآكل معه وأنا عارك، وكان يأخذ العرق - عظم عليه قليل من اللحم - فيقسم عليّ فيه، فأعترق منه ثم أضعه، فيأخذه فيعترق منه، ويضع فمه حيث وضعت فمي من العرق، ويدعو بالشراب، فيقسم عليّ فيه قبل أن يشرب منه، فآخذه فأشرب منه ثم أضعه، فيأخذه فيشرب منه، ويضع فمه حيث وضعت فمي من القدح.
لغة مشتركة
ما الذي يجعل زوجًا يترك زوجته الشابة الرقيقة، ويذهب إلى مجموعة من أصحاب
الشوارب، وقد يكون أغلبهم من المدخنين، وقد يكون هو غير مدخن؟!
السبب ببساطة أن هناك لغة مشتركة بينه وبين أصدقائه، أيًّا كانت، الكرة لغة، البلوت
لغة، الثقافة لغة ... إلخ.
وكثيرًا ما تغيب تلك اللغة المشتركة بين الزوجين، فيغلق ذلك بعض أبواب العيش المشترك.
المنطق أن أقول: بادروا إلى صنع لغة مشتركة، ولكنني لن أفعل.
لقد نبهت إلى "الحفرة" التي تقع في منتصف الطريق، وأحيانًا في أول الدرب.
من أراد أن يجرب بنفسه ويسقط في تلك "الحفرة"، فلا أملك إلا..............
ولله يا زمري.
ب - القصة: الثلاثي والثلاثيني
هذه قصة تدور في فلك المصادفات العجيبة، والحوادث الغريبة، فلو كتبت بالإبر على مآق البصر لكانت عبرة لمن يعتبر، كما تقول كثير من قصص "ألف ليلة وليلة".
في العمارة الثالثة على يمين المتجه إلى الجنوب، وفي إحدى شقتين بالدور الثالث من تلك العمارة، يسكن رجل وزوجته، وقد مرَّ على زواجهما ثلاثة عقود بالتاريخ الهجري، بينما يقطن في الشقة الثانية شابٌّ لم يمض على زواجه أكثر من ثلاثة أعوام، وكي لا نطيل سوف نسمي الأول بـ"الثلاثيني"، والآخر بـ"الثلاثي"، وهكذا سوف نطلق الصفة على زوجة كل واحد منهما، صادف - يا سادة يا كرام - أن "الثلاثينية" اشترت فستانًا في نفس اليوم الذي اشترت فيه "الثلاثية" فستانًا مماثلاً، وفي الليلة الخامسة من تاريخ شراء الفستانين، زارت "الثلاثينية" بعض صديقاتها، كما استقبلت "الثلاثية" صديقاتها في نفس الليلة، قبل العشاء أخبرت صديقاتها أنها اشترت فستانًا (واااو)، أما "الثلاثينية"، فقد أفادت زائراتها بأنها اشترت فستانًا (يجنن)، بينما كان "الثلاثي" يجلس في غرفة النوم، يقرأ جريدة - الصفحة الرياضية بالتحديد - إذ طرقت زوجته الباب، وفتحته، نظر إليها دون أن يتكلم، أخبرته أنها تريد أخذ (الفستان الجديد) من الدولاب، عاد لقراءة الصحيفة، وهي تدخل لأخذ الفستان، بعد ذلك بدقائق قليلة، طُرق باب غرفة النوم على "الثلاثيني" وفتحت زوجته الباب، نظر إليها من فوق نظارة القراءة، وأغلق الكتاب الذي كان يقرؤه، وهو يقول: راحوا؟
وضعت يدها على فمها: "وطِّي صوتك... لا".
أخبرته أنها تريد أخذ (الفستان الجديد)، فتح الكتاب، بينما كانت هي تفتح باب الدولاب، أخذت الفستان - الجديد طبعًا - وما كادت تغلق باب الدولاب، حتى وجدت زوجها يغلق باب الغرفة:
- هو الدخول زي الخروج؟! (...............................)
لم تتأخر"الثلاثينية" جاءت تحمل (الفستان) وقد احمرت وجنتاها، ربما لشدة إعجابها بالفستان... أو هكذا ظنت بعض صديقاتها.
لم يتوقف مسلسل المصادفات، ففي نهار تلك الليلة، تناولت أم "الثلاثيني" الغداء في بيت ابنها، والشيء نفسه فعلته أم "الثلاثي"، قبل المغرب نزل "الثلاثي" وزوجته لإيصال أمه، التي ركبت في المقعد الأمامي، رغم قرب السيارة التي أمام سيارة "الثلاثي" إلا أنه لم يعد إلى الخلف، بل اندفع إلى الأمام، تشك أمه في أن سيارته لامست السيارة التي كانت تقف أمامه، فعاتبته.
قبل أن يصل "الثلاثي" إلى الشارع العام، كان "الثلاثيني" قد ركب سيارته، ومعه أمه وزوجته، رغم أن السيارة التي أمامه بعيدة نسبيًّا، إلا أنه عاد إلى الخلف، واضعًا يده على ظهر المقعد الأمامي - حيث تجلس أمه - بينما انزلقت يده لــ(يقرص) ركبة زوجته، في نفس اللحظة التي كانت أمه تمازحه بأنه لا يزال (غشيمًا) فالسيارة التي أمامه بعيدة، هي التي لا تعرف قيادة السيارة، تستطيع أن تخرج بها دون أن تعود إلى الخلف! علقت "الثلاثينية" وهي تدفع يد زوجها، وتغالب الضحك:
- (غشيم) "والل يبغاله نظارة"
http://www.alukah.net | |
|