بسم الله الرحمان الرحيم .
بالشكر والصبر نرتقي للأفضل بحول الله .
عَنْ أبي يحيى صهيب بن سنان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم:"عجبا لأمر المؤمن! إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمِنْ: إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له" رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
الراوي : أبو يحي صهيب بن سنان النمري . ويعرف بالرومي، لأنه أقام في الروم مدة.
كان من المستضعفين الذينيعذبون في الله عز وجل .
كان من كبار السابقين البدريين ، وكان فاضلاًوافر الحرمة.
ولما طعن عمر استنابه على الصلاة بالمسلمين إلى أن يتفق أهلالشورى على إمام ، وكان هو الذي يصلي بالناس حتى تعين عثمان ، وهو الذي ولي الصلاةعلى عمر ، وكان له صاحباً .
وكان موصوفاً بالكرم والسماحة ، رضي اللهعنه.
وكان ممن اعتزل الفتنة ، وأقبل على شأنه.
عن أبي عثمان : أن صهيباً حين أراد الهجرة ، قال له أهل مكة : أتيتنا صعلوكاً حقيراً فتغير حالك ! قال : أرأيتم إن تركت مالي ، أمخلون أنتم سبيلي؟ قالوا : نعم. فخلع لهم ماله. فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( ربحصهيب ! ربح صهيب).رضي الله عنه .
مناسبة الراوي للحديث : صهيب ممن ابتلي في الله تعالى بلاء حسنا فواجه البلاء والشدة بالصبر عليها والثبات حتى من الله عليه بالفرج وهاجر من موطن الفتنة والعذاب إلى البلاد الآمن حتى أصبحت له مكانة عزيزة بين الصحابة رضوان الله عليهم .
ولما استبدله الله بالعزة والأمان شكر النعمة وكان يوصف بالكرم والسماحة وهي من خصال الشاكرين .
المفردات : عجبا : العجب : الدهشة والحيرة .السراء : السرور و الرخاء . ضراء : شدة وبلاء .
المعنى العام :
الناس في هذه الحياة معرضون إلى المحن والشدائد ولا ينجو من ذلك أحدا حتى الأنبياء والرسل عليهم السلام مرت بهم الشدة وزلزلوا زلزالا شديدا وفي ذلك جاء قول الباري سبحانه وتعالى :" أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ." البأساء والضراء : من الفقر والأمراض والخوف والرعب وغيرها .
وبالمقابل قد يكون الإبتلاء بالمسرة والسعة في الرزق والقوة والشدة وقد مر ذلك أيضا بأنبياء الله تعالى فقد من الله عليهم بالملك والسلطان كنبي الله سليمان وأيوب وغيرهما عليهم السلام .
والنبي صلى الله عليه وسلم يبين لنا موقف العبد وكيف يكون حاله حين النعمة وحين النقمة .
فمن الناس من يبطر في النعم ويكفر في النقم فهذا عاقبته وخيمة ونهايته أليمة .
ومن الناس من تراه شاكرا لأنعم الله عليه يسخرها في مراضيه وإن نزلت به فاقة أو حل به ضيق تراه صابرا محتسبا فهذا من الذين أنعم الله عليهم في الحالتين : ففي سرائه يشكر فينعم عليه ربه بالزيادة والحفظ والولاء قال الله تعالى :" وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ."إبراهيم7.وفي ضرائه يصبر فينعم عليه ربه بالتخفيف والمخرج والهداية قال الله تعالى :" وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ( 155). الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ{156} أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ{157}."البقرة .
وهذا الأمر لا يكون إلا لمؤمن بأن ما أصابته من نعماء فمن الله فيشتغل بشكر مسديها وما أصابته من ضراء فمن الله فيصبر عليها ويشتغل بالدعاء واللجوء إلى الله تعالى فتزيده قربا منه ويدفع عنه بذلك شرها .
لذلك فهو أمر يثير الإعجاب والدهشة ويبعث على الشكر والصبر .قال الله تعالى :" قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ }النمل40.
الفوائد :
1-الفتنة والبلاء قد تكون بالنعمة وقد تكون بالنقمة .
2-الشكر في النعم والصبر عند النقم من خصال أهل الإيمان .
3-المؤمن منعم عليه في سرائه بالشكر وفي ضرائه بالصبر .
4-الترغيب في الشكر لدوام النعم وعلى الصبر لصرف النقم .
5-الكافر محروم من هذين الخصلتين ليزيده الله هما لهمه .
مجاجة : بالضرورة التزود بسلاح الشكر والصبر في مثل هذه المنتديات حتى يوفق الله أهلها إلى التوفيق والسداد ، فنشكر الله تعالى على نعمة التواصل ونسخر ذلك في مراضيه حتى تدوم هذه النعمة ولنحذر من تسخيرها في ما لا يحب ولا يرضى فقد تزول هذه النعمة بما يظهر بين الأعضاء من مشاحة ومشاحنة وبغضاء وهذه من عوامل زوال النعم عياذا بالله .
كما يجب أن يتزود كل فرد بزاد الصبر والعزم على مواصلة الطريق إلى الله عبر هذه الوسيلة لأن طريق الحق والإستقامة محفوف بالمكاره والشدائد ، وقد ترى في المنتدى ما تكره فعليك بالصبر والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة .
وبهذا قد نرتقي بالمنتدى إلى الأحسن والأفضل بحول الله تعالى .
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن ولاه إلى يوم الدين .