زوجي سبب إسلامي
حين تنظر إليها للوهلة الأولى، ستظنها فتاة فلسطينية عربية؛ فهي تجيد الحديث بالعربية بشكل كبير، ولولا أنها تسكت أحياناً للبحث عن بعض المفردات العربية، لما ظننت أن لغتها الأم روسية.
هي فتاة أوكرانية، عاشت في قطاع غزة منذ ما يزيد عن عشر سنوات، تجرعت معهم ظلم الغدر الإسرائيلي، وعاشت بين ظهرانيهم، ترتدي ثوب الإسلام، وتقتفي أثر العزة فيه.
تعرفت على هذا الدين من رجل كان يدرس معها الهندسة في بلادها، أحبته، وأحبت أخلاقه، وحسن تصرفاته، ولكنه أخبرها ذات يوم بأنه لا يستطيع الارتباط بمسيحية؛ فما كان منها إلا أن اشترت الحجاب الشرعي الساتر، إشارة لإعلان إسلامها، ودخولها في دين رجل أحبته، فاجتمعت وإياه تحت ظل الإسلام وعلى سنة الله ورسوله.
ولأن والدتها كانت مسيحية، ووالدها كان من أصول إسلامية، لكنه لم يكن ملتزماً فيه أبداً، وقد توفي في مرض نهش جسده حتى وارى الثرى، لم يعارضوا فكرة دخولها هذا الدين أبداً، ربما لأنهم يملكون خلفية قديمة عن الدين القويم؛ فلم يحتجوا، ولم يحتدموا مع "تانيا" في صراع كلامي أبداً؛ بل على العكس من ذلك.
رحبوا بدينها الجديد، وزوجها الجديد، وأحبوه ووافقوا على زواجه منها بسعادة غامرة، وفرح كبير.
حين أعلنت إسلامها أتتها هدية من أم زوجها لتعبر بذلك عن قبولها إياها زوجة لولدها؛ وكانت عبارة عن جلباب شرعي أبيض لترتديه في ليلة الزفاف، سعدت فيه "تانيا" كثيراً، وشعرت بالراحة والطمأنينة لأهل هذا الزوج؛ وأيقنت أن الأخلاق الحسنة، والنفس الطيبة، لم تكن في زوجها فقط؛ بل حتى في أهله، ومجتمعه، وهذا يدل على طيب الإسلام وحسنه.
ما بعد الإسلام والزواج:
حب زوجها وأخلاقه كانت أكبر دافع لإسلامها، ثم الأمن والطمأنينة والحنان الذي كان يغمرها فيه، والذي كان عوناً لها على جميع الصعوبات التي واجهتها، فكانت تواجه ما تتعرض إليه من عقبات بكل قوة، وطمأنينة؛ كيف لا ! وزوجها سند، وعوين لها في أمرها في الصحة والمرض.
ولأن زوجها كان رافضاً لفكرة العمل، ليجعلها ترتاح في بيتها، وتنام هنيئة سعيدة فيه، دون أن تكلف نفسها عناء البحث عن قوت يومها؛ بل تقتصر على تربية طفلتها الصغيرة التي كانت ثمرة هذا الزواج المبارك، ورعاية بيتها.
استغلت وقتها في تعلم اللغة العربية، ودروس القرآن الكريم؛ فانضمت لبرنامج تقيمه جمعية الرعاية والارتقاء الفلسطينية لمساعدة الأجنبيات المسلمات، وتعليمهن القرآن الكريم، واللغة العربية في آن واحد، إضافة لدروس التلاوة والتجويد، وكانت هذه الجمعية خير معين لها لدحض شعور الغربة الذي قد يساور المرء بعيداً عن موطنه الأصلي.
تانيا الآن تقرأ القرآن جيداً، وتحفظ قصار السور، وتستطيع قراءة الصحف العربية، لكنها لم تجد الكتابة فيها بعد، وهي مواظبة على حضور المحاضرات الدينية مع أم زوجها، وتطمح لتعلم المزيد.
كما أنها حين تتعلم أمر فقهي أو عقدي في دينها، لا تتوانى عن إخبار من حولها به، وتعليمهم إياه؛ فهي بمثابة الداعية في مجتمعها الصغير.
أمنيتها:
أن ينير الله قلب أمها وأخيها بالإسلام، وهذا أمر يحتاج لإقناع وحجة ؛ فهي تحادثهم بشكل متواصل هاتفياً، لكنها لم تستطع إقناعهم حتى الآن، وتنوي مواجهتهم بذلك في زيارة لهم قريباً بإذن الله.