من هوالشخص الذي يصلح للإفتاء والذي لا يجوز قبول الفتوى من غيره؟
الشيخ/أسامة إبراهيم حافظ .
باب هام في كتب الأصول يتحدث فيها العلماء عن شروط المجتهد الذي يؤخذ منه الفتوى ولا يجوز له أن يقلد غيره إلا لضرورة, وطبيعي أن يشترط فيه الإسلام والعدالة والتقوى إذ أنه هنا موقع عن الله فلابد أن يكون عنده من الورع ما يحجزه عن تضليل الناس وإفساد دينهم.
ثم يتحدث الفقهاء عن قدر من العلم ينبغي أن يحصّله ليتحقق الحد الأدنى من القدرة على الاجتهاد والنظر في الأدلة, فلابد له أن يدرس قدرا مناسبا من أصول الفقه وهو كيفية استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية, ولابد أن يكون مدركا لمقاصد الشريعة ومراميها وقواعدها .
وينبغي أن يكون عارفا بالقرآن ويكفى معرفة آيات الأحكام ولا يشترط حفظها بل يكفي أن يستطيع إحضار الآيات موضوع الفتوى, وكذلك في الحديث لا يشترط حفظ أحاديث الأحكام بل يكفيه حيازة كتبها وكيفية استخراج ما يحتاج من أحاديث منها.
وينبغي أن يعرف من علوم الحديث ما يجعله يفرق بين صحيحها وضعيفها ومرسلها ومنكرها وخلافه. وينبغي أيضا أن يعرف مواضع الإجماع حتى لا يفتي بما يخالف الإجماع ولا يشترط حفظها بل يكفي أن يحوز كتابا يلجأ إليه عند كل فتوى, وكذا ينبغي أن يعرف أسباب النزول والناسخ والمنسوخ وغير ذلك.
ثم, وبعد حيازة تلك العلوم يكون طالب العلم على أعتاب الاجتهاد والفتوى فيتدرب على يد أحد العلماء أو المفتين على تنزيل تلك الأحكام والنصوص على الوقائع المختلفة وهو ما نسميه تحقيق المناط فإن كان صوابه أكثر من خطئه ألحق بأهل الاجتهاد, وإن كان الخطأ أكثر من الصواب لم يجز له قبل تحصيل تلك العلوم أن يفتي.
ولا يفوتنا أن نبين أن الاجتهاد درجات تبدأ من المجتهد المطلق الذي قعد لنفسه أصولا خاصة يفتي عليها مثل الأئمة العظام (الشافعي وأحمد ومالك وأبو حنيفة) وتتدرج بعد ذلك حتى تصل لمجتهد المسألة الذي يحسن النظر في مسائل دون أخرى مرورا بالمتبحر في المذهب والمرجح في المذهب والمجتهد المطلق المنتسب لمذهب وهكذا, وكلها درجات يرتقى إليها المجتهد بالدرس والاجتهاد, .. والله أعلم .